تابع جمهور غفير، أمس الثلاثاء، أول عرض لمسرحية "القسمة" لجمعية إيسيل للمسرح والتنشيط الثقافي بشراكة مع مؤسسة Friedrich Ebert الألمانية بالمسرح الوطني محمد الخامس، بالرباط، وهو العمل المسرحي الذي يناقش شتى أنواع الحيف الاجتماعي الذي يطال المرأة في موضوع الإرث. وتناولت المسرحية قصصا إنسانية تعاني فيها المرأة حيفا أو ظلما عندما يتعلق الأمر بحقها في إرث تركه مقربيها، كما تطرقت لمختلف المشاكل التي تعانيها المغربيات حينما تتحكم العادات أو الأعراف أو الاجتهادات ويغيب التحكيم الشرعي والقانوني، في حالات تجمع بين بنات المتوفى وأعمامهم، وأخرى بين أرملة وابن أخ المتوفى، وأخرى متعلقة بقصة ابنة بالتبني مع ابن العم، وغيرها من الحالات التي يحضر فيها التعصيب أو الوصية أو غيرها من أشكال التوريث. وقام بتشخيص أدوار شخصيات قصص المسرحية، كل من الفنانة المقتدرة فضيلة بنموسى، إلى جانب كل من وسيلة صابحي، سعيد آيت باجا، فريد الركراكي، وبنعيسى الجيراري، وتكلف بإخراج العمل المسرحي والمخرج مسعود بوحسين، بينما كان الباحث والكاتب المسرحي عصام اليوسفي كاتبا لنصه، وتكلف بالجانب السينوغرافي الفنان رشيد الخطابي، وأدى المقاطع الموسيقية التي تخللت العرض الفنان الشاب عثمان العلوي. واعتبر عبد الوهاب رفيقي، الباحث المتخصص في القضايا الدينية، والذي حضر العرض وناقش محتواه مع الجمهور، أن "عرض مسرحية القسمة كان موفقا لإثارته قضية مجتمعية لا يمكن أن نغمض أعيننا عليها لأنها تمس المرأة، وتطرقت له من حيث التسلط والظلم الواقعان عليها في المجتمع تاريخيا". وأبرز رفيقي أنه "ليس من اختصاص المسرح أن يحلل أو يحرم أو يعطي حلولا، ولكنه أتى في هذه الحالة ليسلط الضوء على عدد من القضايا التي ترتبط بمحور ديني مهم جدا، والمتعلق بالاجتهاد، خاصة المتعلقة بقضايا التعصيب والتسلط الذي يقع على المرأة من قبل أقارب المتوفى من أبناء عمومته وأعمامه، وأيضا قضايا الوصية والتبني والظلم الذي يلحق الأطفال المتبنين، والتي تحتاج تعديلا عاجلا". ومن جهته أكد الحسين الشعبي المحلل السياسي المشارك في بلورة المشروع، أن الموضوع المطروح "يبقى شائكا لأنه يطرح تعقيدات كثيرة من الناحية المجتمعية والدينية والثقافية، وقد تمكنت الفرقة المسرحية من طرحه بجرأة مع مراعاة المجتمع وخصوصيته، والجميل في الأمر أن المسرحية لا تطرح حلولا ولا تمارس الوعض والإرشاد بقدر ما تطرح حالات اجتماعية واقعية معاشة". وأكد الشعبي أن "الموضوع يتداخل فيه ما هو سياسي بما هو ديني وقانوني وعرفي، لأن العمل يطرح الموضوع من حيث الحيف الذي يلحق المرأة في موضوع الإرث، ومن هنا يبقى الفاعل السياسي متدخل حاسم في الموضوع، لأنه مبلور القرار الذي يجب أن يستجيب لجميع الاستغاثات". يشار أن العرض المسرحي الجديد لفرقة إيسيل سيتنقل بين 5 جهات من جهات المملكة، وسيزور خلال جولته 5 مدن مغربية بعد العاصمة، ويتعلق الأمر بكل من الدارالبيضاء يوم الأربعاء 14 يونيو بالمركب الثقافي كمال الزبدي، مرورا بمكناس يوم 15 يونيو بالمركب الثقافي محمد المنوني، وتطوان يوم 16 يونيو بالمركب الثقافي لالة عائشة، وطنجة يوم 18 يونيو بالمسرح البلدي محمد الحداد ثم مراكش يوم 19 يونيو بدار الثقافة، علما أن كل العروض مبرمجة على الساعة العاشرة ليلا.