نقرأ لهم دون أن نعرف تقاسيم وجوههم ولا ملامحهم، يكتبون لنا وعنا وقائع وملاحم، يخوضون "في عمق" المجتمع، في ثنايا الذات وفي قعر الذاكرة، يرسمون واقعنا ووعينا ولاوعينا بأقلامهم، بالألم حينًا وبالأمل حينا آخر. هم حملة الأقلام الذين امتهنوا المتاعب عن طواعية وقدر محتوم، هم الذين انصهروا في رحاب صاحبة الجلالة حد الذوبان. التقيناهم بعيدا عن مكاتبهم .. قريبا من القارئ، حيث تم قلب الأدوار والوضعيات وتجريب مواجهة السؤال الذي هو زاد الصحافي. وفي خضم البحث عن الجواب تحدثنا عن الطفولة وتفاصيل الحياة الشخصية في بوح صريح. ضيفة الحلقة الثانية عشر مع الصحفية ماجدة آيت لكتاوي، ابنة مدينة قلعة السراغنة. ما الذي تتذكرينه عن طفولتك؟ أذكر أنها طفولة لصيقة بالقصص ومجلات الأطفال، أكثر من الرُّكون للعب، كنت طفلة هادئة الطباع أتأمل كثيرا وأحب المطالعة والكتابة منذ نعومة أظافري، فضلا عن مسار دراسي متفوق. هل كنت تتوقعين يوما أن تصيري صحافية؟ هي الأقدار التي شاءت أن أصبح صحفية، إذ أن ميولاتي الأدبية، ومحاولاتي في كتابة قصائد شعرية، لم تمنعني من الحصول على نقاط مرتفعة في المواد العلمية، وهو ما دفع أساتذتي إلى منعي من إكمال دراستي الثانوية في الشعبة الأدبية، ووجهوني صوب الشعب العلمية لأختار شعبة العلوم التجريبية مع إمكانية الالتحاق بكلية الطب. وبالرغم من حصولي على شهادة الباكالوريا بميزة، لم أتمكن من تحقيق حلم الالتحاق بكلية الطب، لأقرر بعدها متابعة دراستي بكلية العلوم بجامعة القاضي عياض بمراكش، وأحصل على إجازة في علوم الأحياء في تخصص الماء والبيئة. كيف جاء التحاقك بالصحافة؟ على الرغم من تكويني العلمي، لم أكن بعيدة عن الأدب، إذ أن أوقات فراغي كنت أقضيها قارئة لرواية أو ديوان شعري أو مجموعة قصصية، كما أن لدي محاولات في كتابة القصة القصيرة والشعر، لازلت أحاول منذ مدة تجميعها عبر ديوان شعري دون أن أجد الوقت الكافي لذلك في زحمة الأعباء المهنية والأسرية. إلا أن زواجي بالصحفي محمد لغروس، الذي كان ولا يزال شغوفا بهذه المهنة، وضعني على أول درجات عشق الكتابة الصحفية، ووجدتني أسأله كثيرا عن خباياها وقواعدها، فيما عملت على الاستفادة من تكوينات مستمرة في مجال كتابة الخبر الصحفي والتحقيق وغيرها، لألتحق بعدها بأول تجربة مهنية لي ويكون الميدان مدرسة في تعلمي قواعد كتابة الخبر الصحفي وباقي الأجناس. بعيدا عن الصحافة، ماهي اهتماماتك في السياسة والثقافة والرياضة والمجتمع؟ حتما ستجعلك مهنة الصحافة منغمسا في كل هذه المجالات المذكورة، تستزيد من كل واحد منها وفق مستجداته وأحداثه. ما هي المدينة الأقرب إلى قلبك؟ هي مدينة طنجة بدون منازع، أحب فكرة تواجدي بها، وأجدها تملك سحرا خاصا لا أستطيع مقاومته، ولا أفوت فرصة قضاء أيام بها كلما سنحت لي الفرصة. ألا تشعرين بالندم أنك لم تختاري طريقا آخر غير الصحافة؟ أعتقد أن طريق الصحافة هو من اختارني لأسير في دروبه. هل تفضلي أن يصفك الناس صحافية أم كاتبة؟ أنا صحفية أولا، أمارس هذه المهنة بتطبيق قواعدها واحترام أخلاقياتها ما أمكن ذلك، عبر فعل الكتابة. هل أنت منتظمة في أوقات الكتابة؟ العمل داخل مؤسسة إعلامية بدوام عمل معين، يحتم على الصحفي أن يكتب الأخبار بطريقة منتظمة، وهي كتابة صحفية يومية ستة أيام في الأسبوع طيلة الشهر، تسرق من كتاباتي الخاصة المتعلقة بالقصة والقصيدة، وإن كنت أحاول أن لا تخنق الأولى الثانية. كيف عشت أجواء رمضان خلال الطفولة وبعدها؟ رمضان مرتبط في ذكرياتي بالوالدة وهي تحضر مختلف الأطباق المغربية، كذلك بمحاولاتي رفقة أخواتي مساعدتها في إعداد بعض الأطباق، إذ كانت فرصة لتعلم إعداد مختلف أنواع الفطائر والمخبوزات والحريرة المغربية الأصيلة. ارتبط لدي شهر رمضان كذلك بالأجواء الخاصة خلال السحور إذ كنت حريصة على الاستيقاظ لتناول "المخامر" بزيت الزيتون المميز لمدينة قلعة السراغنة. الآن أنا زوجة وأم طفلين وربة بيت، أعمد إلى تحضير مختلف الأطباق المميزة للشهر الكريم، في محاولة لإيجاد التوازن بين العمل والبيت، ولو أن الأمر ليس بالسهل. ماذا تمثل لك هذه الكلمات؟ (الحرية – الحب – الوطن) الحرية، إكسير الحياة الحب، لا عيش بدونه، هو ما يجعل لأيامنا معنى. الوطن، ذلك الحلم الوردي الذي في خاطري ما رأيك في هؤلاء؟ (المهدي المنجرة – أحمد الريسوني – عبد الإله بن كيران) المهدي المنجرة: عالم كبير لم يَنل حقه داخل وطنه، إلا أنه ترك إرثا يجعل المغاربة يذكرونه حاضرا ومستقبلا. أحمد الريسوني: فقيه يضع اليد على الجرح، ولا يخاف في الحق لومة لائم. عبد الإله بن كيران: افتقدته الساحة السياسية والصحافيون خصوصا.