نحن شعب يرى السوء كثيرا ، و في كل الأشياء ، و لأن الحلقات القادمة مليئة بما لا يسر مسيري هذا الشعب ، حتى و إن كنت متأكدا أن لا أحد منهم يتسوق لي ! سأتكلم اليوم عن الفرق بيننا و بينهم ، نعم ، الفرق بين الشعبين ! بيننا نحن المسلمين و بين الكفار بهذا الدين ! و الحقيقة أننا كأفراد ، ورثنا عن أحد ما في هذه المجرة المأهولة بنسل العرب ، أن العيب كل العيب في الآخر و لا يمكن البتة أن يكون فينا ، و لا أدري من أين أتينا بهذي القناعة التي تنخر أخلاقنا كما ينخر السوس العظم ! بالأمس مرت صديقة بمحل بقالة ، و رمقت شخصا عجوزا ، أتى بأنبوبة غاز ، ليملأها ، و بعد أن تم له ذلك ، طلب من أحد الشباب الذين يقطنون نفس الزقاق ، مساعدته في حملها إلى منزله ، فما كان من الشاب إلا أن أجاب : أنا لا أساعد أمي في حملها ، أفأساعدك أنت ؟ !!! وجه هذا الشاب يستحق فعلا تصرفيقة فاعلة تاركة ! إني أتذكر ، و حينما كنا صغارا ، في فترة الثمانينات الفريدة ، كنا نتسابق فيما بيننا نحن صغارا و شبابا على الظفر بشرف حمل وصلة الخبز إلى فرن الدرب من أجل إنضاجه ، و كان المحظوظ ، يكفيه من الشكر ، أن تقول له السيدة : الله يرحم من رباك يا وليدي ! ياه ! ما أجمل هذه الجملة ! نحس معها كنا ، أننا قدمنا شيئا جليلا لهذه السيدة ، و لآبائنا أن ظفرنا لهم بدعوة من عجوز ! كنا نتسابق من أجل مساعدة أهل الدرب ، و كان عيبا في قواميسنا أن يحمل الشيبان الأثقال ، فلماذا نحن في الشارع موجودون إذا هم حملوها ؟ … يحدث كثيرا أن أستقل الحافلة ، فقط من أجل الظفر بشيء أكتب عنه ، و لا أذكر أني في يوم خرجت منها بخفي حنين ! دائما أخرج مملوء جيوب القلم ! الحافلات المغربية ، مجتمع مغربي مصغر بامتياز ! آخر مرة صعدت فيها الحافلة ، شاهدت امرأة يظهر عليها أثر الحكمة ، و هي تضرب الباب الخلفي للحافلة ، من أجل أن يتوقف السائق ، بدون محطة ، و وسط الطريق حيث هذا التلوث السمعي الكبير الذي نُتحف به كل صباح ، لماذا ؟ من أجل أن تنزل هي ! في الحافلة ، يخرج المجتمع المغربي كل مكبوتاته ، من سب و شتم ، و ألفاظ قبيحة ، أما التحرش الجنسي ، فحدث و لا حرج ، هناك عينات في هذا المجتمع ، الذي يستقل الحافلة فقط من أجل الصاق نفسه بالفتيات ! في الحافلة المغربية ، يجوز ، بل القاعدة فيها ، أن ترى عجائزا يقفون في الزحام ، بينما شباب في عمر الزهور يجلسون على المقاعد ، و من أجل أن لا يحس بعقاب الضمير ، يفتعل أنه ينام ، و كأنه لم يره ! … رباه ، شوارعنا أضحت مراحيضا و نحن لا ندري ، مذ اندحرت أخلاقنا ! و الحق أن شوارعنا مرآة لنا ، تعرينا ، للآخر الآتي من المجرة الأخرى الموازية ، و نحن لا نشعر ! إن المتجول في شوارعنا اليوم ، ليسمع من الشتائم و السباب ، ما يتورع كفار قريش عن ذكره ، و الجريان على لسانه ! أصبح عاديا أن نسمع الشتيمة بالأم و الأب ، أن نشتم الآخر بعضو أمه التناسلي ، و نصف أباه بالشذوذ ! أصبح عاديا جدا ، أن نسمع الرب يسب في الشوارع ، و الدين يلعن ! أشياء مقيتة ، ما عهدتها شخصيا حينما كنت صغيرا ، أنا الذي أتذكر أني دخلت يوما إلى المنزل شبه باكيا ، لأنني سمعت الدين يسب ! ما هذا العفن الذي فيه أصبحنا نعيش ؟ يا قوم ! كم أثنى الله على خلق ، في أحمد أصدق من صدق ! أكرم من ربي خلق قال : إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، الموطئين أكنافا ، الذين يألفون و يؤلفون ! على الهامش ! عند الكفار بهذا الدين ، في المجرة الموازية ، يربون أبناءهم على تحمل المسؤولية منذ نعومة أظفارهم ، يربونهم على حب الغير ، و مساعدته ، باعتبار الآخر أيضا عضوا في مجتمعهم الكافر ! كفار هم نعم ، و لكن أخذوا منا أخلاقنا ! أخلاق الإسلام الحقيقي ! في المجرة الموازية ، يربى الأطفال على حب التعاون ! على تقديم الخدمة لمجتمعه ، باعتباره مجتمعا متماسكا ، يسود التعاون فيه و العدل ، كما يسود ريح الطيب مكانا ، لا تمنعه علبته من الإنتشار ! في المجرة الموازية ، يذهبون إلى المستشفيات ، و يقدمون العون للناس ، يأخذون بأيدي العجائز في الشارع ، و يبتسمون في وجه كل الناس ! هناك ، حينما كنت في المجرة الموازية ، يندر جدا أن أصعد إلى الميترو أو الحافلة ، و ألقي التحية ، و لا يجيبني أحد ، و لو بابتسامة ! هنا في مجراتنا ، تلقي السلام عليه ، فيُنظر إليك بارتياب ، و كأنك عنوة تروم إفراغ جيوبه ! هناك في المجرة الموازية ، الأسبقية في الصعود و الجلوس في الميترو و الحافلة للشيبان ، و النساء الحوامل ، ثم النساء عامة ، ثم بعد ذلك يأتي دور الرجال إذا وجدت مقاعد ! و إذا صعد من محطة تالية ذوو الأسبقية ، يقوم الرجال من مقاعدهم ، و يوثرون الآخر على أنفسهم ! في الحافلات الأوروبية ، لا يوجد تحرش ! بعضهم ، يتجنب ذلك خوفا من القوانين الصارمة ، و البعض الكثير ، يتجنب ذلك ، ليس لأنه لا شهوة لديه ، و لكن احتراما لنفسه أولا و لمجتمعه ثانيا ! هناك في المجرة الموازية لم أسمع لمدة 10 سنوات متتاليات سبابا واحدا في الشارع بالأم و الأب ! شوارع نظيفة ، الأزبال فيها نادرة جدا ، لا يمكن أن ترى ألمانيا مثلا يرمي بأزباله من النافذة إلى الشارع مباشرة ، شوارع نظيفة ، ليس فيها تلوث سمعي ! هناك في المجرات الموازية ، أخذوا من ديننا أخلاقه ، و أخذنا منهم عفنهم ! فبيست الكيلة ! بيست الكيلة ، بيست الكيلة ! على الهامش أيضا … لا يؤمن أحدكم ، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه صلى الله على سيدي !