تعرضت عشرات الآلاف من أجهزة الكمبيوتر في نحو 100 دولة لهجوم إلكتروني عالمي استخدم أدوات للتسلل الإلكتروني يُعتقد أن وكالة الأمن القومي الأميركية طورتها، مما عطل نظام قطاع الصحة في بريطانية وأنظمة وزارات وشركات عالمية. وخدع المتسللون ضحاياهم ليفتحوا برامج خبيثة في مرفقات برسائل إلكترونية مؤذية، بدت وكأنها تحتوي على فواتير وعروض لوظائف وتحذيرات أمنية وغيرها من الملفات القانونية. وشفر برنامج (رانسوموار) أو (الفدية الخبيثة) بيانات أجهزة الكمبيوتر وطالب بمبالغ مالية ما بين 300 و600 دولار كي تعود الأجهزة للعمل بشكل طبيعي. وقال باحثون أمنيون إنهم لاحظوا أن بعض الضحايا دفعوا بواسطة عملة رقمية (بيتكوين)، رغم أنهم لا يعلمون النسبة التي تم إعطاؤها للمتسللين. وقال باحثون يعملون لدى شركة أفاست لبرامج الأمن الإلكتروني إنهم رصدوا 57 ألف إصابة في 99 دولة، وكانت روسيا وأوكرانيا وتايوان الأكثر تضررا. وذكرت وكالة أنباء الصينالجديدة (شينخوا) إن بعض المدارس الثانوية والجامعات تأثرت، دون تحديد عددها أو أسمائها. وأكثر الهجمات تأثيرا كانت في بريطانيا، حيث اضطرت مستشفيات وعيادات لصرف المرضى، بعد أن فقدت القدرة على الدخول على أجهزة الكمبيوتر. وقالت شركة فيديكس إن بعض أجهزتها التي تعمل بنظام تشغيل ويندوز تأثرت أيضا. وقالت في بيان "نتخذ خطوات لعلاج المشكلة بأسرع وقت ممكن". من الأرجنتين إلى إسبانيا قال فيكرام تاكور مدير الأبحاث بشركة سيمانتيك للأمن الإلكتروني إن عددا صغيرا من المنظمات في الولاياتالمتحدة تأثر بالهجوم الإلكتروني، إذ أن المتسللين استهلوا حملتهم فيما يبدو باستهداف منظمات في أوروبا. وأضاف أن المتسللين عندما حولوا انتباههم إلى الولاياتالمتحدة كانت مرشحات الرسائل الإلكترونية الخبيثة تعرفت على التهديد الجديد. وتراجعت الإصابة بالبرنامج الخبيث بشكل كبير بعد أن اشترى باحث أمني بطريق الصدفة نطاقا مرتبطا بالبرنامج الخبيث، مما أضعف من فاعليته. وقال تاكور السبت إن تنشيط النطاق أضعف فيما يبدو انتشار البرنامج الخبيث. وأضاف "العدد منخفض جدا ويتراجع سريعا"، إلا أنه حذر من أن أي تغيير في الشفرة الأساسية قد يؤدي إلى انتشار واسع للبرنامج الخبيث من جديد. وقالت وزارة الأمن الداخلي الأميركية في وقت متأخر من مساء الجمعة إنها على علم بتقارير الهجوم الإلكتروني، وإنها تتبادل المعلومات مع شركائها المحليين وفي الخارج ومستعدة لتقديم الدعم الفني. وكات شركة تليفونيكا الإسبانية للاتصالات من بين عدة أهداف في إسبانيا، غير أن الهجوم اقتصر على بعض أجهزة الكمبيوتر على شبكة داخلية ولم يؤثر على عملاء أو خدمات. وقالت شركة برتغال تليكوم للاتصالات وشركة تليفونيكا الأرجنتينية للاتصالات إنهما تأثرتا أيضا. وقالت شركات أمنية خاصة إن برنامج رانسوموار شكل جديد لبرنامج (واناكراي) الخبيث القادر على الانتشار بشكل آلي عبر شبكات واسعة باستغلال ثغرة معروفة في نظام التشغيل ويندوز التابع لمايكروسوفت. وقال باحثون في عدد من شركات أمن الإنترنت إن من المرجح أن هؤلاء المتسللين حولوا رانسوموار إلى برنامج خبيث ينشر نفسه سريعا باستغلال جزء من شفرة تابعة لوكالة الأمن القومي الأميركية تعرف باسم "إترنال بلو"، كانت مجموعة تعرف باسم "وسطاء الظل" كشفت عنها الشهر الماضي. من جانبه، قال ريتش بارغر مدير أبحاث مكافحة التهديدات بشركة سبلانك وهي واحدة من الشركات التي ربطت برنامج (واناكراي) الخبيث بوكالة الأمن القومي الأميركية إن هذا أحد أكبر هجمات (الفدية الخبيثة) الذي تتعرض له الشبكة العنكبوتية. وكشفت مجموعة "وسطاء الظل" عن (إترنال بلو) في إطار أدوات تسلل إلكتروني قالت إنها تابعة للمخابرات الأمريكية. وقالت مايكروسوفت إنها تقوم بتحديث آلي لنظام ويندوز لحماية عملائها من (واناكراي). وأصدرت مجموعة تحديثات أخرى في 14 مارس لحمايتهم من (إترنال بلو). توقيت حساس يأتي انتشار برنامج (الفدية الخبيثة) في ختام أسبوع من الفوضى الإلكترونية في أوروبا التي بدأت الأسبوع الماضي عندما نشر متسللون وثائق من حملة مرشح انتخابات الرئاسة الفرنسية إيمانويل ماكرون قبيل بدء الجولة الثانية من الانتخابات التي فاز بها ماكرون. وعطل متسللون الأربعاء، مواقع عدة شركات إعلامية فرنسية وشركة إيرباص العملاقة، كما يأتي الهجوم الإلكتروني قبل أربعة أسابيع من الانتخابات العامة البريطانية. واستعدت السلطات البريطانية للهجمات الإلكترونية قبل الانتخابات، كما حدث مع الانتخابات الأميركية العام الماضي وفي عشية الانتخابات الفرنسية. ووجهت أصابع الاتهام في هذه الهجمات إلى روسيا التي نفت مرارا ضلوعها في الأمر. وتعرضت أيضا وزارتا الداخلية والطوارئ الروسيتان وبنك سبيربانكأكبر المصارف في روسيا للهجوم الإلكتروني أول أمس. وقالت وزارة الداخلية الروسية على موقعها على الإنترنت إن نحو ألف جهاز كمبيوتر تضرر لكنها تمكنت من احتواء الفيروس.