تمر الأيام وتتوالى الوقائع والأحداث، ليسقط لباس "الدستور الجديد"، عن النظام المغربي، فتتضح أساليبه في التحكم بالبلاد، والتلاعب بالعباد. تبتدئ الحكاية من شعار "فوسفاط وجوج بحور والمسكين عايش مقهور"، لتطرح أسئلة عدة لدى فقراء الوطن، فيسأل ذلك الشيخ الأمي نفسه، عن سبب ما يعيشه، قد يصل لجواب علمته إياه الحياة، وقد يطمئن نفسه ويقول أن بلده فقير، وأن الدولة متأزمة وليس لديها مال لتوفير العمل للعاطلين، لكن الحقيقة أن المغرب يتوفر على موقع إستراتيجي وثروات طبيعية وبشرية يسيل لها اللعاب، إلا أن المتحكمين فيه، يستنزفون كل شيء؛ الوطن ومعه الفقراء والبسطاء. الموضوع الذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، والمتعلق "بخدام الدولة"، جاء ليؤكد أن الوطن للأغنياء والمتنفذين، والوطنية للفقراء والمهمشين، ويثبت أن هناك من يحلب بقرة البلاد، ويترك للفقراء فضلاته أو فضلات الأسياد (النفايات الإيطالية). إذا كانت الدولة تتجسد في المخزن، وهذا الأخير هو الجهاز الإداري والنخبة الاجتماعية، أي أنه وإضافة إلى الأمنين، يبتدئ بشيخ القبيلة أو شيخ "الحومة"، وصولا إلى "القصر"، فخدام الدولة هم المساهمون في تزين صورة النظام داخليا وخارجيا، والتغاضي عن كل الخروقات القانونية والانتهاكات الحقوقية، وسرقة العلنية للوطن واستنزافه، والأمر يتعلق بمن يدور في فلك القصر إضافة إلى الأحزاب السياسية. لابد من تضخيم كل ما يفعله المخزن، وإبرازه على أنه عمل عظيم (قفة رمضان)، فكل المحاسن تنسب للمؤسسة الملكية، بينما المساوئ تبقى للحكومة ومحيطها، هذا الكلام أكده رئيس الحكومة بالأفعال والأقوال، حيث أن المؤسسة الملكية لا تخطئ ولا يمكن نسب الغلط لها أبدا. من هنا الطريق، ليصبح الشخص من خدام الدولة، لكن للإشارة، فوسط هؤلاء الخدم هناك فوارق أخرى، فما يناله خادم محلي، أبخس مما يناله خادم إقليمي، وما يحصل عله خادم إقلمي، أقل مما يحصل عليه خادم جهوي وهكذا، وقد يحصل أصغرهم على "الفتات" فقط، فمن ارتضى الذل سيبحث عنه ولو بالمجان. الخدام الذين طالتهم اللائحة، هم من يحظون بأكبر نصيب من كعكة الوطن، دون حساب ولا مساءلة، حتى أن الأسئلة المحرجة داخل البرلمان تسحب بمجرد مكالمة هاتفية. يسرق اللص، ويوفر له المخزن الغطاء القانوني، وفوق ذلك يهديه من الريع والمحسوبية ما يشبعه، ثم يساعده على التهرب من المحاسبة. خدام الدولة هم كالعصابات الإجرامية، حين يختلفون في نصيب كل واحد منهم، سيفضح المتضرر المستفيد، أنا لا أتهم أحدا، لكني كذلك لا أبرء أحدا، البريء الوحيد هو الشعب وكل من اصطف جنبه. هذا الأخير الذي لا يلتفت إليه المخزن سوى إن أراد حل بعض مشاكله الخاصة (ملف الصحراء). الحرقة التي جعلت القاشوش رحمه الله يغني في الساحات السورية "سوريا بدا حرية" ويرتقي شهيدا، وتلك التي جعلت إبن سيدي بوزيد في تونس يحرق نفسه، وتلك التي ضحت في سبيلها "أسماء البلتاجي"، والتي استشهد لأجلها "كمال العماري"، هي نفسها التي قد تجعل الشعب المغربي بشيبه وشبابه يضيق ذرعا، وينفجر في وجه خدام الدولة ومن فوقهم، إن هم استمروا في نهب الوطن والمواطنين.