يكفي الاستماع لنقاش الفرنسيين في الأماكن العامة وفي الحافلات وقاعات الانتظار الطبية.. لكي نرى مامدى حيرتهم لمن يعطون أصوات ثقتهم. لم يعد نداء التصويت للمرشح الأقل سوءا أو التصويت المجدي أو التكتيكي (le vote utile) يجد أذانا صاغية عند عدد كبير من المواطنين الفرنسيين، فأصبحوا يفضلون المقاطعة بما أن التصويت ليس إجبارا قانونيا، أو يتبنون التصويت الأبيض وأن لا تأثير له على نتائج الاقتراع. وقد ينتظر المترددون الدور الثاني ليقرروا اختيار مرشح تحت ضغط الخوف، خصوصا إذا وصلت مارين لوبين، عن الحزب اليميني المتطرف الجبهة الوطنية، للدور الثاني فيتجندون للإطاحة بها بالتصويت على المرشح المنافس لها سواء كان من اليمين أو من اليسار. وهكذا ربما التاريخ سيعيد نفسه، فتعيش فرنسا ماعاشته سنة 2002 لما زعزعت صدمة وصول لوبن الأب للدور الثاني، زعزعت الفرنسيين المصوتين والمقاطعين، فتجندوا لمنع قيادي اليمين المتطرف من حكمهم إلى درجة دعوة اليسار للتصويت لليميني جاك شيراك. ولكن يبقى التساؤل الكبير الذي ستصلنا الإجابة عليه يوم الأحد 23 أبريل هو: هل فرنسيو 2017 لهم نفس التخوف من برنامج الحزب اليميني المتطرف الجبهة الوطنية، الذي حرك آباءهم سنة 2002 أم أنهم سيفضلون برنامج لوبن على برنماجي ماكراو أو مولوشو.. المنتظر حسب نتائج الأستطلاعات أن يكون أحدهما المنافس للوبان في الدور الثاني... ربما سيختار الفرنسيون لوبن كما اختار الأمريكيون ترامب رغم أن برنامجها سيأخذ فرنسا إلى الهاوية.