تثبت كل الوقائع والأحداث المتلاحقة قبل و بعد تشكيل الحكومة أن الشعب تعرض لمؤامرة دنيئة ،حيث تم الالتفاف على أصواتهم وبسطت الدولة العميقة أجنحتها على الأحزاب المهترئة ،لتنفيد أجندتها في مهمة خاصة اسمها البلوكاج، ثم تنسحب من اللعبة في انتظار حصتها من الكعكة تثمينا لخستها، وفعلا اجتمعت لوبيات الفساد وجاؤوا بقضهم و قضيضهم ،لمواجهة بن كيران وإزاحته من منصب استحقه ولولا سعة صدر المادة 47 من الدستور المغربي لما كان لهم ما أرادوا. بعد ذلك تم تعيين العثماني الذي شكل الحكومة، بسرعة قياسية و في تكتم مريب و بشروط أعداء الشعب الذين لفظتهم الاستحقاقات الاخيرة فكانت استجابة الرجل ،لاملاءات الدولة العميقة في تشكيل الحكومة المزركشة بأطيافها وألوانها غير المتناسقة، دليلا على أنه و حزبه قد تعرضا لضغط رهيب ، و اختيارات كان أفضلها ما اختاره العثماني، فهل نتصور هول الاختيارات الاخرى التي وضعت على طاولة المفاوضات؟ حتما ستكون أشد و أنكى من الحل الذي انتهى إليه رشد مناضلي الحزب. واهم من يعتقد أن العدالة والتنمية قد رضخ للدولة العميقة، ولم يستحضر الظرفية الدولية وهذه الحرب التي لا هوادة فيها على الاسلام السياسي أينما وجد ،ولست في حاجة إلى التذكير بما وقع لحزب النهضة في تونس و الإخوان المسلمين في مصر. إن نظرة متفحصة تراقب ما يقع في وطننا وما حوله لا يسعها إلا أن تثمن ما قام به العثماني خصوصا إذا استحضرنا نتائج الانتخابات الأخيرة التي لم تمنح الحزب الأغلبية المريحة التي تعفيه من التفاوض مع كل نذل أو خسيس ،أما من يطالبون العدالة و التنمية بالاصطفاف في المعارضة أو إعادة الانتخابات فهم واهمون لأن ذلك بالضبط ما كانت تطمح إليه شرذمة الأشرار في هذا الوطن. إننا اليوم إن كنا فعلا نطمح إلى الاصلاح ينبغي أن نكف عن تقديم العدالة والتنمية ككبش فداء أو شماعة نعلق عليها رجولة مخصية لآخرين عجزوا عن مواجهة الفساد و دواليبه و سجل عليهم التاريخ بمداد الذل و الخيانة مهزلة كانوا هم أبطالها وبامتياز، ينبغي أن ينصهر الجميع في كتلة واحدة لمواجهة الدولة العميقة في الاستحقاقات المقبلة بعيدا عن الاحتقانات الاجتماعية و الفتن التي يدسها المفسدون بين أبناء الشعب لأنها مرتعا خصبا لتعشيش أفكارهم و تمرير قراراتهم خلسة و في غفلة منا.