يكفي أن يسمع أي مواطن كيفما كان وبأي لون تلون عن تنظيم حزب العدالة والتنمية لمهرجان خطابي ، من تأطير الزعيم ابن كيران إلا وتجده قد برمج له منذ علمه بذلك وربما قد يؤجل المواعد المهمة من أجل أن يسمع حديث ابن كيران عن الفقراء وهجماته ضد دعاة التحكم والعفاريت...وغيرها من مصطلحات سيحتفظ به التاريخ في قاموس الزعيم ، قفشاته الساخرة ونظراته المركزة بشهادة خصومه السياسيين أعطته شعبية واسعة داخل ربوع الوطن ، الحال أن الساحة السياسية تغيرت قبيل الربيع الديمقراطي وخاصة بعد تولي عبد الاله بن كيران رئاسة الحكومة فأعطها طعما ايجابيا بصراحته ووضوحه وعفويته وحبه ودفاعه عن الطبقة الكادحة بالمغرب. شعبية بن اكيران دخلت البيوت الفقيرة في أعماق الجبال حيث ينتظر ذلك المواطن البسيط الذي لا يملك إلا مذياعا رديئا فتجتمع حوله اسرته الصغيرة لينصت في خشوع تام إلى كلمة رئيس الحكومة في جلسته الشهرية،ويتمتع بردود الزعيم في جو من المرح والتشويق، وتلك الأم العجوز التي تسأل عن موعد ظهور بن اكيران على شاشة التلفاز لتشاهده وهو "كيتبورد" على الخصوم السياسيين، وغيرها من المواقف والأحداث التي بدأت منذ بروز نجم بن اكيران، ووصلت هذه الشعبية إلى درجة تتبع ابن كيران في المقاهي ورفع شعارات في الملاعب الرياضية تمجده وتحييه. تلك السياسة المقززة التي لم يكن يعيرها احد أي اهتمام سواء كان مثقفا أوغير ذلك ،بل حتى الذين كانوا يعتبرون انفسهمم سياسيين من الدرجة الاولى لم يكونوا متابعين لها بسبب لغة الخشب التي كانت متداولة في جل خطابات المسؤولين السياسيين وعدم الصدق مع المواطنين،فأصبح حتى ذلك المواطن الأمي يعرف معنى صندوق المقاصة، ومفهوم المقايسة والمقصود بالتحكم الذي اصبح جليا لمجموعة من الاحزاب التي كانت تستهزئ من هذه المفاهيم . هذه الشعبية 'البنكيرانية' المتزايدة يوما بعد يوم حتى بعد اقالته من تشكيل الحكومة،كانت سببا رئيسيا في الاطاحة به كيف لا وهو الذي تحدث بنبرة حادة إصلاحية استحضر فيها المصلحة العليا للوطن إبان حراك 20 فبراير، كيف لا وهو الذي قال بأنه "ملكي غير منبطح"، كيف لا وهو الذي جمع حوله اللآلاف من المواطنين كل هذا كان سببا في أن يتخذ القصر قرارا بإزاحة الزعيم دون أدنى تخوف من ردة فعل سلبية من الحزب الذي ينتمي اليه .