"كل دولة عضو في الإتحاد الأوروبي يمكنها أن تقرر بموجب قوانينها الدستورية الإنسحاب من الإتحاد "... هكذا تنص المادة 50 الخروج من التكتل والتي أدخلت عبر معاهدة لشبونة الموقعة عام 2007 و المعمول بها في 2009 و هكذا قررت بريطانيا فض العقدة وتقرير مصيرها . انسحاب بريطانيا من الإتحاد، انعكس بشقيه على الإتحاد الأوروبي وعلى بريطانيا نفسها وعلى دول مجلس التعاون الخليجي، ثم على دول شمال إفريقيا وبالخصوص المغرب. ولأن بريطانيا قوة اقتصادية عظمى ، فإن خروجها أدى إلى انهيار البورصات و انشقاق مجموعة من الشركات والإستثمارات البريطانية ، التي تعمل بدول الإتحاد وبالتالي فقدان السيولة التي كان يتنعم بها الإتحاد الأوروبي ، ولربما هذا الإنفصال أو الطلاق المفاجئ سيجعل بريطانيا تراجع أوراقها وتعيد مجد أسلافها المنعمين ، حين وقفت أمام الغزو النازي بقيادة هتلر في الحرب العالمية الثانية بسلاحها الجوي واستطاعت نسف هجومه ، في حين خضعت الدول الأخرى بالرايات البيضاء للمد الألماني ، كفرنسا على سبيل المثال . إن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي يعني أن إرادة الشعب انتصرت ، رغما عن ديفيد كاميرون الذي لم يجد السبيل إلا للإستقالة من منصبه كرئيس وزراء والإنسحاب يعني كذلك ، أن بريطانيا ستلغي علاقاتها التجارية و السياسية مع دول الإتحاد وأن الوحدة القومية باتت تعيش شرخا واسعا ... الوحدة القومية تلك الإيديولوجية التي رافقت البرجوازية و الليبرالية والثورة الصناعية في القرن 18 عشر وسعت لتوحيد دول أوروبا بعد انقسام ألمانيا وبولندا وايطاليا ، داعية إلى الحرية ، لكن سرعان ماتحولت الأطماع إلى السيطرة على المنطقة و امتدت الجسور نحو اقتصاد السوق و احتكار الإمتيازات العالمية . لماذا إذن خرجت عن بكرة أبيها !! هل مشكل الهجرة هو العامل الأول لخروج الزعماء السياسين والمواطنين البريطانيين للمطالبة بالخروج من الإتحاد ، بعد أن كانت أبواب بريطانيا مفتوحة على مصراعيها تطبيقا لمبدأ حرية التنقل بين الدول الأعضاء ، التي مكنت كل زائر أو لاجئ الإنتقال بين دول الاتحاد الأوروبي دون مانع يمنعه أو أمن يرقبه ! أم أن هناك تصفيات لحسابات قديمة كشرت أنيابها بعدما وصل السيل الزبى ! ختاما... للديمقراطية آلياتها الحقيقية ، و مهما يكن من سبب لطلاق بريطانيا من الإتحاد فإن جزءا منها قد تحقق ، حينما قرر الشعب مصيره ، و ربما يجرى استفتاء آخر لرد الأمور لنصابها أو يتم التدخل من طرف الدول الحليفة والشريكة في المنطقة ذاتها .