أكد مدير معهد كونفيشيوس بالرباط السيد محمد الصالحي، أن اللغة الصينية أو الماندارين، التي يعرف عنها تعقيد نطقها وكتابتها، أضحت تغري المغاربة المغرمين بتعلم اللغات الأجنبية أكثر فأكثر. وأوضح الصالحي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن "الصين أضحت قوة عالمية وإتقان اللغة الصينية التي تتميز بمنظومة من الأصوات والتراكيب النحوية والرموز المختلفة تماما عن اللغات اللاتينية، هي ميزة تفتح في وجه الشباب آفاق واسعة"، مضيفا أن معهد كونفيشيوس بجامعة محمد الخامس- أكدال يستقبل كل سنة العديد من طلبات التسجيل التي تفوق طاقته الاستيعابية. وأشار الصالحي إلى أن معهد كونفيشيوس الذي يعد ثمرة شراكة بين جامعة محمد الخامس- أكدال وجامعة بكين للدراسات الدولية، والذي جرى تدشينه في 5 دجنبر 2009، يروم النهوض باللغة والثقافة الصينيتين بالمغرب، مسجلا أنه، وإلى جانب مهمته الرئيسية، أي تعليم اللغة الصينية، ينظم المعهد كل يوم سبت أنشطة موازية تتعلق بالثقافة الصينية، من قبيل الغناء، والرقص، والشعر، والمسرح، وفنون الحرب (تاي- شي- شوان ووشو)، وفن الطبخ. وأوضح أن المعهد يضم حاليا 220 منخرط (طلبة، تلاميذ، رجال أعمال، مستخدمين وموظفين)، والذي يتابعون حصصا بمعدل 4 ساعات في الأسبوع، علاوة على 60 طالبا من شعبة الدراسات الصينية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية- أكدال. وأضاف أن سنة 2015 تميزت بتخرج أول دفعة من شعبة الدراسات الصينية، التي تتألف من 12 خريجا يتابع جلهم حاليا دراسات الماستر في الصين، مبرزا أن 1200 شخصا درسوا في معهد كونفيشيوس بالرباط منذ إحداثه سنة 2009. وبفضل التعليم ذي جودة الذي يؤمنه معهد كونفيشيوس - يضيف السيد الصالحي - يجتاز الطلبة بامتياز "هانوي شويبينغ كاووشي" (آش. إس. كا)، وهو اختبار للكفاءة تم إعداده من طرف وزارة التعليم الصينية، يكافئ اختباري "توفل" (الإنجليزية) أو سليكتيفيداد (الإسبانية)، مشيرا إلى أن طلبة كونفيشيوس يحتلون المراتب الأولى في هذا الامتحان الذي يجرى على المستوى الدولي تحت إشراف اللجنة الوطنية للنهوض باللغة الصينية (هانبان)، التي تتكلف بإعداد الأسئلة والتصحيح. وأضاف مدير معهد كونفيشيوس أنه، وبعد إعلان نتائج اختبار "هانوي شويبينغ كاووشي"، يستفيد الطلبة المغاربة الأوائل، والذي يتراوح عددهم بين 20 و30، من رحلة لغوية إلى جامعة بكين للدراسات الدولية. وحسب المدير، ينظم المعهد أيضا امتحانات الانتقاء القبلي للطلبة الذين سيمثلون المغرب في مباراة "جسر إلى الصين" (هانوي كياوو)، المنظمة من طرف "هابان"، بغية تشجيع الطلبة الذين يتعلمون اللغة الصينية، مشيرا إلى أن المباراة تشتمل على التعبير الكتابي والشفوي وعرض فني يتعلق بالثقافة الصينية. وأوضح الصالحي أن "الطلبة الذين يتم انتقائهم برسم هذه الامتحانات مدعوون إلى التوجه للصين من أجل المشاركة في الامتحانات النهائية والدولية". وأشار إلى أن عددا من الطلبة المغاربة، يستفيدون في إطار التعاون القائم بين سفارة الصين والمعهد، من منح دراسية تبدأ من 6 شهور إلى 3 سنوات، مسجلا أنه يتم في إطار انفتاح معهد كونفيشيوس بالرباط على محيطه، توفير حصص في اللغة الصينية لطلبة مركز التكوين في مهن الفندقة والسياحة بتمارة والمركز الإفريقي للدراسات الآسيوية، علاوة على افتتاح قسم لتعلم اللغة الصينية بجامعة ابن زهر بأكادير. وشجع مدير معهد كونفيشيوس الشباب المغاربة على الانفتاح أكثر فأكثر على اللغة والثقافة الصينيتين، على اعتبار أن القرن 21 آسيوي بامتياز، على ضوء صعود قوة إمبراطورية الوسط. واعتبر أن الشباب المغاربة مدعوون إلى اغتنام الفرص الممنوحة من طرف الصين، مسجلا أن التعاون المتين القائم بين المغرب والصين، والذي سيتعزز أكثر فأكثر بفضل الزيارة الرسمية التي سيقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ابتداء من يوم غد الأربعاء إلى الصين، تمنح المغاربة فرصة الاستفادة من نمو الاقتصاد الصيني. فبين الطموح إلى توسيع الآفاق المهنية والإعجاب بالثقافة الآسيوية، يسير شغف الشباب المغربي لتعلم اللغة الصينية وفق منحى تصاعدي. وقالت بشرى رجوي، طالبة في السنة الثالثة بشعبة الدراسات الصينية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن إتقان اللغة الصينية يتيح للطلبة تعزيز حظوظهم في الاندماج داخل سوق الشغل، مع العلم أن المستثمرين الصينيين يهتمون أكثر فأكثر بالمغرب كأرضية لولوج الأسواق الإفريقية والصينية. من جانبها، ترى خديجة باهي طالبة بالسنة الثالثة شعبة الدراسات الصينية تقوم بالاستعداد لامتحانات آخر السنة، أن هناك خصاصا كبيرا على مستوى المترجمين المتمكنين من اللغة الصينية، مشيرة إلى أن المستثمرين الصينيين الذين يستكشفون السوق المغربية نادرا ما يتكلمون اللغتين العربية أو الفرنسية، مما يتطلب مرافقا يتكلم اللغة الصينية بهدف تيسير عملية التواصل. وبالنسبة لجمال القاسمي، الطالب في السنة الأولى، فإن إعجابه بالثقافة الآسيوية والصينية على وجه الخصوص، حفز اختياره تعلم اللغة الصينية، موضحا أن تعقيد هذه اللغة نطقا وكتابة دفعه إلى رفع هذا التحدي بشكل أكبر. ويروم معهد كونفيشيوس، المؤسسة التي تعمل على تعليم ونشر اللغة الثقافة الصينيتين، تمتين أواصر الصداقة القائمة بين الصين وباقي دول العالم.