لم يعد هناك ما يكفي من النجوم في الكون، والآن يحسب علماء الفلك أنهم يعرفون السبب. فقد اكتشف العلماء من خلال استخدام تلسكوب هابل الفضائي مجرة بعيدة يقوم فيها تكوّن النجوم بطرد المادة الخام اللازمة لذلك من الفضاء بسرعة مليوني ميل في الساعة، وفي ثنايا ذلك تتباطأ عملية إنتاج النجوم في المستقبل. يعتقد العلماء أن هذا الاكتشاف قد يفسر سر انخفاض عدد النجوم في الفضاء عن المتوقع. يذكر أن عالم الفضاء الشهير كارل ساجان كان قد قال إن في الكون من النجوم ما يفوق حبات الرمل في جميع شواطئ العالم. وتم ضبط تقديره هذا مؤخراً بأن هناك عشر نجوم في مقابل كل حبة رمل، أو قرابة مائة ألف مليون مليون مليون نجم. غير أن هذا العدد الرهيب لا يبدو كافيا لعلماء الفلك المحدثين. يقول د. جيمس جيتش من جامعة هارتفوردشر: "إننا نعلم منذ ما بين عشر إلى خمس عشرة سنة أنه لا يوجد في الكون القدر الذي نتوقعه من النجوم". تتكون النجوم من التقارب بين سحب الغاز بقوة الجاذبية، ولكن المحاكاة الكمبيوترية لهذه العملية تقدِّر دائماً عدد النجوم بما يفوق ما يراه المراقبون، إذ ينبغي أن يوجد ضعف أو ثلاثة أمثال عدد النجوم الموجود في السماء. والآن يعتقد جيتش وزملاء له أنهم اكتشفوا ما كان غائباً عن علماء الفلك. فقد اكتشفوا مجرة بعيدة تعرف بالانفجار النجمي على بعد عشرة بلايين سنة ضوئية تقوم بتكوين النجوم بمعدل يفوق مجرتنا درب التبانة ب 260 مرة. ووابل الإشعاع الناجم عن المواليد السماوية الجديدة يطرد الغاز المتبقي إلى الفضاء البعيد. وفي ظل إهدار هذه المادة الخام في أعماق الفضاء، فإن معدل تكوين النجوم سوف يتباطأ إلى أن يتوقف تماما في نهاية المطاف. قال جيتش "إننا نشهد إنهاء عنيفاً لتكوين النجوم". وكلما ازدادت النجوم، ازداد ضغط الضوء الذي تبعثه، فينبعث المزيد من الغاز مما يحول دون سرعة تكوّن النجوم. هذه هي المرة الأولى التي تُرى فيها هذه العملية بسبب من عملية تكون النجوم نفسها منفردة. إذا غالبا ما كانت ترتبط بعمل ثقب أسود نشط في مركز مجرة. ولقد توقفت مجرات كثيرة بالفعل في الكون القريب عن تكوين النجوم على الإطلاق. لأن "شيئا ما قام ولا شك بإزالة الغاز من هذه المجرات" بحسب ما قال فيليب بيست أستاذ الفلك المجرِّي بجامعة إدنبرة الذي لم يشارك في الدراسة. وليست النجوم هي الضحية المحتملة الوحيدة لهذه العملية. فعلماء الفلك يعتقدون أن الشكل المتطرف من هذه العملية قد يقضي على بعض المجرات الصغيرة، وهو ما يفسر سر تضاؤل عدد المجرات الصغيرة مائة مرة دون المتوقع. يقول جيتش إن ملاحظات فريقه المنشورة في مجلة نيتشر "مفتاح جديد ومهم لفهمنا لنشوء المجرات".
