تم ببيروت إبراز التجربة المغربية في مجال القضاء الدستوري ، وذلك خلال مؤتمر إقليمي حول "الرقابة على دستورية القوانين في الدول العربية .. تقييم ورؤية مستقبلية". وقد أبرز عضو المجلس الدستوري محمد أتريكن خلال هذا المؤتمر، الذي افتتح أمس الجمعة بكلمة لرئيس المجلس الدستوري المغربي رئيس اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية محمد أشركي تليت بالنيابة عنه، الأساس الدستوري والقانوني المتعلق بممارسة الرقابة الدستورية في التجربة المغربية ،خصوصا المستجدات التي جاء بها دستور 2011 والتي تضمنها القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية التي ستحل محل المجلس الدستوري . وتطرق السيد أتريكن في عرض حول " دور القضاء الدستوري في تحقيق العدالة " ، الى الاجتهادات التي بلورها المجلس الدستوري،الذي يستمر في ممارسة صلاحياته في انتظار تنصيب المحكمة الدستورية، والمناهج التي اعتمدها في هذه الاجتهادات خاصة في مجالات ثلاث. أولى هذه المجالات ، حسب السيد أتركين ، تتجلى في الكيفية التي حقق بها المجلس العدالة في مدخل فصل السلط ، والصيغ القانونية التي ارتضاها في اجتهاده ليصل الى التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بينما تجلى المجال الثاني في موضوع الطعون الانتخابية عبر ترتيب الجزاءات في المخالفات الانتخابية والمستويات بين المترشحين وبين المنتخبين. أما المجال الثالث فكان عبر "مدخل الانصاف"، خاصة قرار المجلس المتعلق بالدائرة الوطنية، حينما قرأ الدستور قراءة ديناميكية تأويلية وأقر بمقتضاها بدستورية اللائحة الوطنية التي سمحت للنساء بولوج البرلمان من بوابة تخصيص نسبة مسبقة تتمثل في 60 مقعدا. وشدد أتريكن أن المجلس بلور ، في هذا الإطار، " اجتهادا خاصا أسس فيه وأصل للتميز الإيجابي وحدده وقيده بقيود معينة ". وبعد طرح عدد من الأسئلة منها على الخصوص، الكيفية التي يحقق بها القاضي الدستوري العدالة في دلالاتها السياسية والمؤسساتية وفي دلالتها قياسا بالمبادئ والأهداف المقررة في الدستور وليس بدلالتها القضائية، اعتبر السيد أتركين بأن "مفهوم العدالة في التجربة المغربية سيتطور بتنصيب المحكمة الدستورية". وأوضح أن هذه المحكمة ستكون أمام اختصاص جديد لم تألفه منذ أن أسس القضاء الدستوري بالمغرب، حيث سيكون متاحا، ولأول مرة، للمواطنين أثناء النظر في دعوة جارية، أن يطعنوا في دستورية القوانين التي قد تمس بحقوقهم وحرياتهم. وأضاف أن هذا سيحقق " نقلة نوعية في البناء القضائي الدستوري حيث ستنتقل المحكمة الدستورية من إطار المراقبة القبلية نحو إطار المراقبة البعدية ". وأشار الى أن النقلة التي حققها القضاء الدستوري المغربي "لا تمنع الانتباه" الى التجارب المحيطة وكذلك الى بعض التجارب المقارنة كالتجربة الاسبانية والايطالية والفرنسية. من جهته أبرز عضو المجلس الدستوري السيد رشيد المدور، هذه التجربة من خلال اجتهادات المجلس الدستوري في انتظام المؤسسات وحسن سير عملها. وبعد أن استعرض بعض النماذج التي أبرز فيها المجلس اجتهاداته، عرج السيد المدور على بعض الاسهامات النوعية التي ساهمت في تطوير النظام السياسي والدستوري بالمغرب بناء على اجتهادات القضاء الدستوري . وشدد على أن المغرب "عرف مع الدستور الجديد نقلة نوعية أثمرت عددا من الاجتهادات الكبرى في مجال القضاء الدستوري التي أصبحت محط أنظار ومتابعة من قبل عدد من المجالس والمحاكم الدستورية بالعالم. وكان رئيس المجلس الدستوري السيد محمد أشركي، قد أكد أمس في الكلمة ذاتها أن دستور المغرب الجديد "أحدث نقلة نوعية في ميدان العدالة الدستورية بإنشائه للمحكمة، التي ستخول لها صلاحيات أوسع ودور أقوى في مجال صيانة الحقوق والحريات العامة المضمونة دستوريا للجميع". وناقش المشاركون خلال هذا المؤتمر، الذي نظمه المجلس الدستوري اللبناني بمناسبة مرور 20 سنة على تأسيسه بالتعاون مع "مؤسسة كونراد أديناو" ، "دور القضاء الدستوري في انتظام العمل التشريعي" و "دور القضاء الدستوري في تحقيق العدالة" و "دور القضاء الدستوري في انتظام أداء المؤسسات الدستورية" و " استراتيجيات وآليات تطوير القضاء الدستوري في العالم العربي". وفضلا عن المغرب ، شارك في المؤتمر الذي اختتم أشغاله اليم السبت، وفود من كبار المسؤولين ورؤساء المجالس والمحاكم الدستورية وممثلين عن هيئآت قانونية ودستورية،من فلسطين، مصر، السودان، الأردن، الجزائر، البحرين، اليمن، العراق، تونس والكويت.