الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال تعالى: ﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ لجنة إِذﹶ اﹶقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ* وَلاَ يَسْتَثْنُونَ* فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ* فَأَصْبَحَتْ كَ0لصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ* أَنﹸ 0غدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمﹸ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ* فَ0نطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ* أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا 0لْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ* وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ* فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* قَالَ أَوْسَطُهُمﹸ أَلَمﹶ اَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ* قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ* فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ* قَالواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ* عَسَىٰ رَبّنَآ أَن ﹸيبدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ* كَذَلِكَ 0لْعَذَابُ وَلَعَذَابُ 0لآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ [القلم:17 33 ] «إﻧﻬا قصة يواس الله ﺑﻬا نبيه ويذكر ﺑﻬا القرشيين ويحذرهم من مغبة أمرهم الذي هم فيه من شرك وضلال، وكفر وعناد إﻧﻬا قصة أصحاب الجنة الذين ابتلاهم الله سبحانه بالخيرات والنعم، كما ابتلى قريشًا، فكان من أمر قريش ما كان من أمر أصحاب الجنة. ها هي قصة أصحاب الجنة، أصحاب الحديقة والبستان إﻧﻬم قوم وسع الله عليهم ورزقهم، فأينعت ثمرة جنتهم وجاء وقت حصادها واقترب.فماذا كان من أمر هؤلاء (أصحاب الجنة) الذين وسع الله عليهم؟ وماذا كان موقفهم من الفقراء والمساكين؟!! لقد قابلوا نعم الله بالشح والبخل والعزم على حرمان الفقراء والمساكين! لقد أضمروا نوايا خبيثة: ﴿ إِذﹶ اﹶقْسَمُواْ ﴾ فيما بينهم وتعاهدوا وتعاقدوا﴿ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ﴾ ليقطعن ثمرها في الصباح الباكر.ذلك لئلا يعلم ﺑﻬم فقير ولا يمر ﺑﻬم سائل ولا مسكين!! ليتوفر ثمرها كله لهم ولا يتصدقوا منه بشيء»(1 ) فأرسل الله تعالى نارا على الحديقة ليلا أحرقت الأشجار وأتلفت الثمار، فلما أصبحوا ذهبوا إلى حديقتهم فلم يروا فيها شجرا ولا ثمرا، فظنوا أنهم أخطأوا الطريق، ثم تبين لهم أنها بستانهم وحديقتهم. وعرفوا أن الله تعالى عاقبهم فيها بنيتهم السيئة، فندموا وتابوا بعد أن فات الأوان»(2) قال لهم أعقلهم وأصلحهم بعد أن شاهد ما شاهد من أمر الحديقة: لقد قلت لكم عندما عزمتم على حرمان المساكين حقوقهم منها، اتقوا الله ولا تفعلوا ذلك، ولكنكم خالفتموني ولم تطيعوا أمري فكانت النتيجة ما ترون من خراب الجنة، التي أصابني من خرابها ما أصابكم.» (3)
وقد ساق الله جل شأنه هذه القصة ليعلمنا أن مصير البخيل ومانع الزكاة إلى التلف وأنه يضن ببعض ماله في سبيل الله فيهلك كل ماله مصحوبا بغضب الله، ولذلك عقب تعالى بعد ذكر هذه القصة بقوله: ﴿ كَذَلِكَ 0لْعَذَابُ وَلَعَذَابُ 0لآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ مثل ذلك العقاب الذي عاقبنا به أهل الحديقة يكون عقابنا في الدنيا لكل من خالف أمر الله، وبخل بما آتاه الله من النعم، ولعذاب الآخرة أعظم وأشد من عذاب الدنيا، لو كانوا يعلمون لانزجروا عن كل سبب يوجب العقاب.»(4)
والله أعلم. إعداد : ذ. أحمد الحجاجي 1 قصة أصحاب الجنة /مصطفى بن العدوي/ص:8 11بتصرف 2 التفسير الموضوعي للقرآن الكريم/ نخبة من علماء التفسير وعلوم القرآن/ج8/ص:302 3 القصة في القرآن/ محمد سيد طنطاوي/ج2/ص:308 4 التفسير الموضوعي للقرآن الكريم/ نخبةمن علماء التفسير وعلوم القرآن/ج8/ص:304