لمحت الرباط إلى أن المغرب العربي لن يفلح في إقامة اتحاد إقليمي قادر على الدفاع عن مصالحه في عالم متقلب ولم يعد يعير اهتماما ل"الضعفاء"، مادامت دولة محورية فيه مثل (الجزائر) تصرّ على الاعتراف ضمنه ب"كيانات وهمية لا شرعية ولا وجود فعلي لها، ولا تتوافر فيها العناصر القانونية، ولا المتطلبات السياسية للدولة الوطنية"، في إشارة كما يبدو لدولة البوليساريو المزعومة. وقال وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار الجمعة إنه "لا يمكن أن نتصور اتحادات إقليمية فاعلة، تضم كيانات وهمية لا شرعية ولا وجود فعليا لها، ولا تتوافر فيها العناصر القانونية، ولا المتطلبات السياسية للدولة الوطنية". وأضاف مزوار في كلمة افتتاحية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الذي اختار موضوع "الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب" عنوانا لندوته الافتتاحية، أن "هذا النوع من الاتحادات، لا يمكنه تحقيق النجاح المطلوب". وتساءل الوزير المغربي، في هذه الكلمة "كيف يمكن لهذه التجمعات الإقليمية أن تحافظ على مصداقيتها، وهي تضم في عضويتها جماعات انفصالية مرتبطة بالإرهاب، وبعالم الجريمة المنظمة، وكيف لهذه التجمعات أن تتخذ قرارات مسؤولة وجدية، في ظل وجود كيانات وهمية، لا ترتبط بمفهوم المسؤولية الدولية، وكيف يمكن لهذه المنظمات أن تخلق شراكات بناءة مع دول واتحادات أخرى، وهي تضم كيانات لا تعترف بها العديد من الدول المكونة لها، ولا توجد أي صيغة قانونية أو سياسية للتعامل معها". وخلال خطابه بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لاعتلائه العرش في المغرب، عبر العاهل المغربي الملك محمد السادس عن أسفه إزاء تمادي الجزائر في الخلاف مع بلاده، بهدف "تعطيل مسيرة" الاتحاد المغاربي، معتبرا أن ذلك يتعارض مع إرادة شعوب المنطقة في رفع الحواجز بين البلدان وفتح الحدود وتفعيل الاتحاد المغاربي. وأبدى خلال خطابة استغرابه من "الرفض الممنهج" للجزائر، لكل المبادرات المغربية الرامية إلى إعادة فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين، وتطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين، معتبرا أن الرفض الجزائري "يتنافى وحق شعوب المنطقة في التواصل الإنساني والانفتاح الاقتصادي"، على حد تعبيره. وقال مزوار "لقد أصبح تواجد هذه الكيانات في الاتحادات الإقليمية عاملا معرقلا لجهود التنمية وتحقيق الاندماج، لأنها لا تتقاسم نفس انشغالات الدولة الوطنية، في الحفاظ على الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية" وأكد العاهل المغربي في خطاب عيد العرش على إرادة بلاده في "بناء اتحاد قوي عماده العلاقات الثنائية المتينة"، مشيرا إلى أن الخلاف "ليس بالأمر المحتوم" وأنه طبيعي في كل التجمعات الإقليمية. وتشهد العلاقات بين المغرب والجزائر أزمات متواصلة بشأن إقليم الصحراء، الذي يؤكد المغرب على انه جزء لا يتجزأ من أراضيه، ويتهم الجزائر بدعم جبهة البوليساريو التي تنازع الرباط على هذا الإقليم. وتأسس اتحاد المغرب العربي في 17 فبراير/ شباط 1989 بمدينة مراكش بالمغرب، ويتألف من خمس دول تمثل في مجملها الجزء الغربي من العالم العربي، وهي: ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب وموريتانيا. ومنذ عام 1994، لم يعقد قادة الدول اتحاد المغرب العربي أي قمة؛ بسبب استمرار الخلافات بين المغرب والجزائر بشأن إقليم الصحراء المغربية، وإغلاق الحدود البرية بين البلدين خلال السنة نفسها بقرار من الجزائر. وأبدى المغرب الكثير من حسن النوايا لحلّ مشكلة الصحراء من أجل ان تلتفت دول المغرب العربي إلى الاهتمام بقضايا أكثر أهمية لمستقبلها، وأعلن عن استعداده لمنح حكم ذاتي للإقليم الصحراء في إطار السيادة الوطنية المغربية. ومن بين أهداف الاتحاد فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع، والتنسيق الأمني، ونهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين. لكن كل هذه الاهداف والطموحات المثالية تقتضي أول ما تقتضيه كما يقول مراقبون نزع اخطر لغم في طريقه وهو لغم تأزم العلاقات بين اثنين من اهم دوله وهما المغرب والجزائر التي تصر وبشكل مريب على التجديف ضد تيار دولي متنام يناصر مقترح الحكم الذاتي لإقليم الصحراء المغربي لتسبب بذلك في بقاء الدول المغاربية مشتتة الجهود بينما تتربص بها المخاطر من كل جانب أهمها خطر الإرهاب الماثل بقوة في المنطقة.