شكل إحداث "جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان" ، بمبادرة من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى سنة 2005 ، لحظة مفصلية في مجال محاربة هذا الداء الخبيث بالمغرب، بالنظر للجهود الحثيثة التي تبذلها للتخفيف من معاناة المصابين به من خلال توفير الدعم الاستشفائي والنفسي لهم خلال فترة العلاج. فعلى مدى حوالي عقد من الزمن، نجحت هذه الجمعية التي أصبحت ابتداء من مارس 2013 تحمل إسم "مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان" بالنظر لاتساع حجم أنشطتها وإنجازاتها والميزانيات الهامة التي تخصصها لذلك وحضورها المتميز على الساحة الوطنية والدولية، في منح مرضى السرطان الأمل في الحياة عبر مساعدتهم على مواجهة مرضهم بصورة أفضل وجعل معركتهم مع هذا الداء في قلب انشغالاتها. وتسعى المؤسسة بالتعاون مع مجمل شركائها، إلى جعل محاربة السرطان ضمن أولويات الصحة العمومية بالمغرب عبر تحسين التكفل بالمرضى وتشجيع أعمال الوقاية مع الانخراط في ميدان البحث العلمي عبر تعدد الشراكات داخل المغرب وخارجه. ولتحقيق ذلك، تعتمد المؤسسة نهجا تشاركيا ومتعدد الأبعاد للإحاطة بإشكالية السرطان اعتمادا على خبرة وانخراط فريق متعدد التخصصات يتكون من أطباء وباحثين وفاعلين اقتصاديين وجمعويين فضلا عن شخصيات مغربية وأجنبية مرموقة وذلك بغية استلهام أفضل الممارسات في الميدان . وتعتبر الحصيلة التي حققتها المؤسسة، تحت الإشراف الفعلي لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى سفيرة النوايا الحسنة لمنظمة الصحة العالمية، على مدى السنوات الماضية جد مشرفة، وتعكسها الإنجازات الهامة المسجلة التي تروم تعزيز وتنويع العرض الطبي وتقريب الخدمات الطبية التي تستجيب لحاجيات الساكنة مع ضمان المساواة وتسهيل الولوج للعلاجات وتوفير خدمات صحية عمومية لعلاج داء السرطان. وفي هذا الصدد، تحرص "مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان" على تزويد مختلف جهات المملكة بمراكز مرجعية للصحة الإنجابية للكشف المبكر عن سرطان الثدي وعنق الرحم بغرض تفعيل برنامج الكشف المبكر عن هذه السرطانات الذي تم تعميم أنشطته على كافة التراب الوطني ويستهدف ساكنة تقدر بحوالي 3,4 مليون امرأة، فضلا عن إحداث مراكز جهوية متخصصة لعلاج السرطان تعد الأولى من نوعها بإفريقيا، والتي يعهد لها ليس فقط بتوفير أفضل تكفل بالمريضات، ولكن أيضا التكوين والبحث. كما عملت المؤسسة على تمكين جميع المصابين بداء السرطان، الذين يعالجون بمراكز الأنكولوجيا العمومية والحاملين لبطاقة نظام المساعدة الطبية "راميد"، من الاستفادة من الأدوية المتوفرة لعلاج السرطان بنسبة مائة في المائة. وعرفت السنوات القليلة الماضية أيضا تعزيز البحث في مجال محاربة داء السرطان، مع إطلاق برنامج للبحث العلمي في هذا المجال والذي مكن من اعتماد 11 مشروعا سيتم تمويلها، فضلا عن تنظيم تظاهرات وندوات دولية هامة تناقش استراتيجيات الوقاية وعلاج السرطان بمشاركة ممثلي وكالات دولية للصحة العمومية ومسؤولي برامج الصحة الوطنية وجمعيات متخصصة وأطباء. وتماشيا مع أهدافها المعلنة وتطلعاتها المستقبلية، تتعدد مجالات عمل مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان وتتسع تدريجيا، ومن أبرزها المخطط الوطني للوقاية ومراقبة السرطان الذي تم اعتماده في مارس 2010 ويعد ثمرة شراكة بين المؤسسة ووزارة الصحة بمساهمة عدة اختصاصيين مغاربة وأجانب. ويتضمن هذا المخطط 78 إجراء عمليا قابلا للتفعيل في مجالات الوقاية والكشف المبكر والتكفل العلاجي والعلاجات المخففة وإجراءات مواكبة المرضى. وضمن مساعيها لجعل مريض السرطان في صلب الاهتمام، تندرج أيضا أنسنة مراكز ووحدات الأنكولوجيا، وتجهيز الوحدات الصحية للبحث في السرطان، وإحداث بنيات أساسية متخصصة في علاج السرطان (مراكز الأنكولوجيا ووحدات القرب للعلاج الكيماوي ومراكز الامتياز المتخصصة في علاج الأورام لدى النساء). ولأن رحلة العلاج من الداء الفتاك تستغرق فترة طويلة وتطرح العديد من الإكراهات على المريض وأسرته ، خاصة مشكل الإيواء الذي يعاني منه المرضى القاطنون بمدن بعيدة عن مراكز الاستشفاء، عملت المؤسسة على إحداث "دور الحياة" بالقرب من مراكز الأنكولوجيا التي تأوي المرضى وذويهم طيلة مدة العلاج وتشكل فضاء لمدهم بالدعم المعنوي والنفسي الضروري، فضلا عن احتضانها لأنشطة اجتماعية وثقافية لفائدتهم.