تعيش ساكنة إقليم طاطا في شهر رمضان المبارك أجواء روحانية يعكف فيها الناس على الإكثار من العبادة والتقرب الى الله والتمسك بالترابط الاجتماعي من خلال صلة الرحم بين الأصدقاء والأهل والأقارب. فمع حلول هذا الشهر الفضيل، تعرف مدينة طاطا حركية كبيرة حيث يفد اليها تجار وموظفون ينتمون للمدينة ويعملون في مدن مغربية مختلفة لقضاء عطلتهم السنوية وأخذ قسط من الراحة من زحمة وضوضاء المدن الكبرى ليتقاسموا الجو الروحاني والديني مع ذويهم في هذا الشهر المبارك. ولا يخلو هذا الشهر الفضيل من نشر قيم التضامن والتكافل الاجتماعي بين الأسر والجيران عبر تبادل وجبات الإفطار المتنوعة التي يتم تحضيرها أو توزيع بعض الاعانات والمواد الغذائية الأساسية على الأسر المعوزة قصد تخفيف أعباء المعيشة عنها. وتتقن النساء الطاطويات فن الطبخ من خلال تشكيل وجبات غذائية صحية ومتنوعة منها على الخصوص شربة (أزكيف) التي تعد أساسا من دقيق الشعير الى جانب مشروب الشاي الذي يحتل مكانة استثنائية في تقاليد ساكنة المدينة. وفيما يخص تأقلم الساكنة مع الظروف الطبيعية والمناخية الصعبة والحرارة المفرطة التي تجتاح إقليم طاطا في فصل الصيف الذي يتزامن من شهر الصيام يفضل القائمون على الشأن الديني بالمدينة والساكنة أداء الصلوات الخمس والتراويح في الساحات العمومية المجاورة للمساجد أو فوق أسطحها. كما يفضل عدد كبير من الساكنة في فترة ما بعد الظهيرة اللجوء الى الواحات وبعض المغارات المتواجدة بالمدينة هربا من شدة الحر خصوصا وأن شهر الصيام يصادف الفترة الصيفية التي ترتفع فيها درجة الحرارة والتي بلغت أول أيام رمضان الى 46 درجة. وفي ظل غياب متنفسات عمومية وشدة الحر، يلزم عدد من السكان بيوتهم ولا يخرجون الا باكرا أو بعد غروب الشمس لقضاء مآربهم اليومية ويلفون رؤوسهم ب "خرقة" مبللة بالماء للتخفيف من الحرارة واتقاء الضربات الشمسية. وفيما يخص الدعم الاجتماعي، أوضح السيد بوجمعة تاضومنت رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بعمالة طاطا في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء أنه تم خلال هذا الشهر الكريم انطلاق عملية توزيع 6800 حصة من المواد الغذائية على الأسر المعوزة بمختلف جماعات الاقليم التي تنظمها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، مضيفا أن دولة الامارات العربية المتحدة والمجلس الاقليمي والجماعات التابعة للاقليم قامت بدورها بتخصيص حصص من المواد الغذائية لفائدة الأسر الفقيرة بالمنطقة. وبخصوص وفرة المواد الغذائية بالاقليم، أبرز السيد تاضومنت أن جميع المواد الاستهلاكية التي يكثر الإقبال عليها خلال شهر رمضان الكريم هي متوفرة بشكل يلبي حاجيات الساكنة، مؤكدا على أنه تم تشكيل لجن محلية من أجل ضبط الأسعار ومراقبتها ومواجهة كل محاولات أشكال احتكار السلع التي قد يلجأ إليها بعض التجار خلال هذا الشهر الكريم وتكثيف عمليات المراقبة الصحية للمنتوجات التي يتم عرضها للبيع بمختلف الأسواق والفضاءات التجارية بهدف حماية صحة المستهلك وضمان جودة المنتوجات.