حركة المد والجزر في العلاقات المغربية- الإسبانية تشهد اضطرابات كمثل الأجواء السائدة هذه الأيام، حيث نجد ان المواقف متباينة، منها المتفهم الذي يتعاطف مع المغرب، ومنها المتحامل الذي يضخم الأخبار ويؤولها لغرض في نفسه. أبدت وسائل الإعلام لدى الإسبان اهتماما بالغا باتفاقية الصيد البحري، وتنتظر تجديدها في شهر مارس بفارغ الصبر لأن الأمر يتعلق بمائة وست رخصة صيد، منها مائة مخصصة لإسبانيا وحدها، وقد اقترح بعض أعضاء البرلمان في الاتحاد الأوربي أن يستثنوا من الاتفاقية المياه الإقليمية في الصحراء، لكن الأغلبية رفضت المقترح، واتفقوا على أن يعود ريع الأسماك المصطادة في الجنوب المغربي لأهل هذه المناطق. واهتمت وسائل الإعلام الإسبانية من تلفزة ووكالات أنباء وصحف بحادثة اعتقال صحافيين وناشطة إسبانية تساند بوليساريو داخل القنصلية المغربية في لاس بالماس، ولم يفرج عنهم إلا بعد تدخل الشرطة التي اقترحت حلا وسطا، وهو أن يسلم الصحافيون ما سجلوه لسلطات السفارة المغربية ويقدموا اعتذارهم لأنهم دخلوا بدون ترخيص إلى مكان لا يعتبر أرضا إسبانية. وكذلك الشأن بالنسبة لشركة ريبسول الإسبانية للبترول، واعتزامها التنقيب عن البترول في المغرب خلال هذه السنة. ولم تتوقف منابر الإسبان عن التذكير بأن المغرب اتخذ جملة إجراءات لتلافي موجة الغضب المتسعة في شمال إفريقيا، منها عدم رفعه أثمان الدقيق والسكر والزيت والمحروقات، برغم ارتفاع ثمنها في الأسواق العالمية. جريدة"ليبيرتاد ديخيتال" ليوم 29-01-2011 وهي جريدة يمينية الهوى، ذهبت إلى التساؤل. أيكون المغرب ثانيا بعد تونس؟ وقالت في المغرب ما قال مالك في الخمر، فيما أبدت وكالة "إيقي" تخوفا من انتقام المغرب من الصحراويين الثلاثة عشر الذين طردتهم سلطات لاس بالماس بعد أن طلبوا اللجوء السياسي، ورددت هذا التخوف كثير من المنابر وبالغت فيه. وكانت حجة سلطات جزر الكناري هي أن هؤلاء الصحراويين ليسوا مهددين ولا تنطبق عليهم معايير اللاجئ السياسي. وفي مقال نشره "أنطونيو كوبيرو فيريرا"، وهو رئيس المجلس الوطني لجزر الكناري والساعد السياسي لحركة التحرير الإفريقي، نشر المقال في جريدة "إل ديا.إس" يوم 29/01/2011، تحت عنوان من يحتل جزر الكناري؟ إنها إسبانيا وليس المغرب وهذا تعريبه مع حذف الاستطرادات والشروح: يدافع التاج الإسباني والحزب الاشتراكي وحلفاؤهما من الكناريين عن العناد الاستعماري الإسباني في إفريقيا. يبدون كالحمقى عندما يحاولون إقناع الكناريين بأن هذه المستعمرة (يعني جزر الكناري) لا تنتمي إلى إفريقيا، ويزعمون أنها منصة ثلاثية القارات، كجزيرة أسطورية... مكان إستراتيجي مستعد لاستقبال الاستثمارات الكبرى، وقاعدة مستقبلية للرساميل والمشاريع المتعددة الجنسية، ورابط بين أوربا وإفريقيا الغربية. جرت أمس عملية استعمارية لما يسمونه (محيط الفضاء الأطلسي أورو – إفريقي). حظيت هذه المبادرة بمباركة التاج (إسبانيا) وبدعم من هيئة الصحة والعلاقات مع الجامعات.. عالج المجتمعون المختصون في الاستعمار الجديد من مختلف الجنسيات والمعاهد خلال يومين، ما تتميز به هذه المستعمرة من فرص لاسترداد قارة إفريقيا بواسطة الاستثمارات التجارية، ومؤسسة كنارياس للصحة، هذه الأخيرة مكلفة بالمساعدة على تسلل الاستعمار الجديد تحت قناع خرافة الاهتمام بالصحة في القارة. الأمر واضح، الأهم هو (الفرص التجارية والاستثمارية الكنارية في إفريقا الغربية) شاركهم البنك الإفريقي للتنمية، ومجموعة من المحللين والباحثين... ومن أجل حفظ ماء الوجه اسندوا امر افتتاح الجلسات لرؤساء الجامعات... وشاركهم رجال أعمال وجدوا الفرصة للتسسل إلى إفريقيا وفتح أبوابها للشركات المتععدة الجنسية. كل هذه الاتصلات كانت برضى رئيس الوزراء السيد "ثاباطيرو" الذي توصل هذه الأيام إلى أن مؤامرة (حوار الحضارات) التي كان يعدها من أجل التسلل إلى القارة الإفريقية من شمال البحر المتوسط قد باءت بالفشل، لأن الدعامة التي له في المنطقة صديقه الرئيس التونسي المخلوع بن على قد فر إلى السعودية حيث أودع أولا زوجته، وطنا ونصف الطن من الذهب الذي سرقه من بلده، وصديقه الأخر الدكتاتور المصري حسني مبارك، على وشك أن يلقي نفس المصير الذين ال إليه بن علي. الشعوب الإفريقية والعربية ملت الجمهوريات الوراثية التي تكمم الأفواه وبما أن هذه المؤامرة التي أعدها الاستعمار الجديد قد فشلت، فإن رئيس الحكومة الإسبانية ثاباطيروا الذي يرزح تحت ثقل خمسة ملايين عاطل تقريبا، يحاول اختراع مؤامرة أخرى بمساعدة المتعاونين معه من الكناريين من أجل تيسير دخول الاستعمار الجديد غلى إفريقيا منطلقا من جزر الكناري، ومركز متعدد الجنسيات للأجانب الذين يبحثون عن قاعدة أمنة لتغلغل داخل القارة. بما أن ثورة الياسمين التونسية قد غيرت المفاهيم السياسية في البحر المتوسط، وستكون لها عواقب وخيمة على الحكومات الأوربية، وستكون لها عواقب وخيمة على الحكومات الأوربية.