المواطنية مفهوم محصور بالعلاقة بين الفرد و الدولة كما انه يفرض نفسه في صلب كل الصراعات السياسية الفكرية و الاقتصادية في جميع الدول لكن يبقى العامل السياسي مركزيا في هذه العلاقة التربوية و ذالك لأهميته في الوجود الفعلي للمواطن و ارتباطه بمجموعة من القيم و التراكمات عبر التربية الاجتماعية و العائلية المهنية البيئية إلى أخره و هو مفهوم يمتد إلى حقول و ترسبات كثيرة لكن يبقى دائما العامل السياسي هو الأساس و المعيار المواطنية و التربية على المواطنة (التربية المخزنية في مفهومنا المغربي ) فكرة أساسية تدور حولها مجموعة من السياسات و البرامج إذا صح القول أن الدولة المغربية كباقي الدول تعتمد سياسة تربوية في هذا المجال و الحديث عن هذه السياسة الإنتاجية لمواطن المستقبل إن صح التعبير تفترض أن الدولة المغربية تعترف بفكرة المواطن وتبني عليها برنامجا تربويا ما فكيف إذن تكونت فكرة المواطن في المغرب ما بعد الاستقلال و كيف أصبحت ركنا من أركان الحياة السياسية و بالتالي الحياة السياسية و ما هي الوسائل و الأجهزة التي تخدم التربية على المواطنة بمفهومها الفلسفي لدى الدولة '؟ و ما قيمتها '؟ و هل لهذه السياسة معنى واقعي '؟ أسئلة ضخمة تأسس لمستقبل الدولة و استمرارية الكيان لا يمكنني بطبيعة الحال الإجابة عنها لاني لست من واضعي السياسات كما أنها تتطلب تشاركيه من جميع المشارب الاديولوجية و من وجهات نظر متعددة لكن ما يهمني في اتارة الموضوع و فهم أسباب انحطاط المنظومة السياسية و تمييعها بفعل السياسات التربوية التي أنتجت مواطنين على المقاس لتجربة سياسية قد لا نستحقها نحن المارقون و الخارجون عن هذه السياسة العامة التي أعطتنا على سبيل المثال المواطن صاحب فردة اليسرى للشربيل الذي ينتظر نتائج الانتخابات بأحر من الجمر ليس لمعرفة مصير دفة الاقتراع و لكن ليضمن أن الفردة اليمنى ستصبح على قدم زوجته و ليذهب الوطن و المواطنة إلى الجحيم بعد الطوفان هذه السياسة التربوية أنتجت مواطن يقبل مئتي درهم ليبيع صوته و قد يسحر بملتحي يعده بالجنة الموعودة فوق الأرض بعد أن يأس من الحياة و مطباتها و قد يفكر يوما ما في الذهاب إلى الجهاد (الانتحار بالمفهوم الديني ) في سبيل معتقدات و خرافات عفا عنها الزمن بعد أن اعترتها خضرة البكتيريا و العفونة (الغمالة) لمساعدة واضعي السياسات رغم إنهم لا يستمعون إلى صوت العقل إلا عند الإحساس بالخطر فأنا ارفع صوتي كمواطن في لحظة يستعدون فيها للانتخابات الجماعية كما رفعنا صوتنا يوم قرروا الانتخابات البرلمانية و هم يعلمون نتائجها مسبقا من قبل و حين قرروا فرض دستورهم الممنوح في حمى الثورات (العربية ''؟؟؟) للالتحاق بالنتائج الغير مناسبة لهذه الظاهرة أو لنسميها الفرقعة الإعلامية لنكون أكثر موضوعية و واقعية سأحاول أن ابحث عن مفهوم للمواطنية كما هو متعارف عليه و سأعكف على المرتكزات الدستورية و الاديولوجية الأزمة لصنع مواطن الدولة التي نحتاجها لصنع التغيير و دفع عجلة التنمية في أجمل بلد في العالم أولا تقوم بين الوطنية و المواطنية جدلية دقيقة ليست متناقضة لكنها حميمية يزداد غناها و حرارتها بقدر الترابط بين الوطن الاديولوجي الوطن السياسي و الوطن الجغرافي (هذا من أهم مرتكزات الحركة الامازيغية الحديثة ) فبدل التربية الوطنية التي ترتكز على تنمية الشعور الوطني و حب الوطن و الثوابت وفق مفهوم الدولة و ما يسير في توجهاتها هناك المواطنية التي تشكل مفهوم أوضح و أعم يشمل الجماعة الوطنية التي تبحث عن تشكيل فرد من حيث هو العضو الفاعل في دولة ترتكز على مبدأ الحقوق و الواجبات بدل المفهوم القائم و المتجدد على أساس العفوية و نسيج من المصالح الشخصية المتبادلة و المتغيرة على دوام وفق علاقات تلاقي تبادل تعاون افتراق انجذاب تنافس و تنازع حسب أهواء ميولات أمزجة الإفراد بدون ضوابط بمعنى أوضح رسم معالم الوطنية حسب مبدأ مساوقة (تسويق السياسة في سوق الوطنية )الحياة السياسية المجال الذي تفتحه فكرة المواطنية واسعة لأنها تنظر إلى الإنسان ليس كعبد و ليس كمملوك ليس ذالك الإنسان الرعية و ليس ذالك الإنسان المؤمن(لان الإيمان تجربة روحية شخصية) لتبني عليه الأحزاب أو الجماعات الوطنية برامجها هنا أود الإشارة إلى الأحزاب و الجماعات التي تفكر في تقسيم المواطنية إلى مواطن و مؤمن أي البحث عن المواطن درجة ثانية بعد المؤمن بطبيعة الحال أقول لهؤلاء ليس هكذا تورد الإبل فقبل أن تفرض على أي مواطن واجبات (قوانيين ) هناك واجب يقابله أي حقه في أخد رأيه في كيفية سنها و مناقشتها قبل أن تصبح ملزمة له و هذا نموذج فقط من ما يسمى بالحقوق السياسية قبل الانتخابات الجماعية المقبلة ستخوض الأحزاب و الدولة حملة لتسويق منتوجها السياسي بدعوى انه يهم الشأن المحلي العيش اليومي حسن تدبير الجماعة المحلية المشاركة في اتخاذ القرار من خلال مستشارين منتخبين إلى أخره و لكن ستواجه حتما صعوبات و اعتراضات عملية من رجالاتها الموجودين حاليا في مراكز القرار و من مستشاري و رؤساء الجماعات المنتمين إلى ذات الأحزاب و من رجالات السلطة لان آليات عملهم لن تستوعب مفهوم المواطنية و مبادئها فغالبا سنرى الجرافات التي ستشتغل ليل نهار لتبليط الشوارع و سنرى شاحنات الإنارة العمومية تعمل ليل نهار من اجل إنارة الشوارع الخلفية و الأزقة التي ظلت مظلمة لسنوات سنرى و بلا شك و نتعرف على بساطة المنتخبين المحليين سيأكلون الطعام و يمشون في الأسواق بعد غياب طويل عن الحياة العمومية
معاول الهدم ليست دائما بيد العدمية ففي هذه المرحلة يتحرش المنتخبون بالمواطن لينزعوا منه مواطنيته و يؤكدوا عدميتهم بامتياز