عندما أطلق جهاز "غايم بوي" في ربيع العام 1989 في خضم فقاعة عقارية ومالية في اليابان، كان اليابانيون شغوفين أصلا بألعاب الفيديو مع جهاز "فاميكوم" من "نينتندو" الذي كان يوصل بالتلفاز والذي سوق سنة 1983. في تلك الفترة، كان الطلاب الصينيون يحتجون في ساحة تيانانمين وكان جدار برلين على وشك الانهيار.
وكانت مجموعة "نينتندو" التي تتخذ في كيوتو مقرا لها أول شركة تسوق جهاز فيديو محمولا، تماما مثل "سوني" التي طرحت في الأسواق قبل 10 أعوام على جهاز "غايم بوي"، قارئا محمولا للموسيقى.
وكان جهاز "غايم بوي" يباع في تلك الفترة بسعر 8 آلاف ين (ما يوازي اليوم 56 يورو)، وهو كان يقدم، بحسب الإعلان المروج له، "35 ساعة من الألعاب مع أربع بطاريات".
ويتذكر بعض الأهالي أن أولادهم كانوا جد سعيدين لإمكانية اللعب على الجهاز في القطار بعد انتهاء الصفوف المدرسية وبانتظار الصفوف المسائية الخاصة.
أما تاكو نيشيمورا الذي أصبح اليوم رسام شخصيات مانغا، فهو أقر "لم يكن والدي يسمح لي بأن ألعب بهذا الجهاز. وهو كان يقدم لي في المقابل قصص مانغا. وأنا جد شاكر له اليوم".
لكن الرسام تمكن من لعب الألعاب الإلكترونية الصغيرة البسيطة المعروفة ب "غايم أند واتش" التي كانت "نينتندو" تقدمها في السابق. لكنه لم يكن في وسع المستخدمين تغيير محتويات تلك الألعاب.
أما جهاز "غايم بوي"، فقد غير المعادلة "بطابعه الثوري. وكان من الممكن استخدامه في أي مكان، خصوصا وقت السفر مع الأهل"، على ما قال خيسوس ميرا وهو اسباني كان يتجول في متاجر الألعاب في طوكيو.
ولفت هيروكازو هامامورا رئيس مجموعة "إنتبراين" إلى إن "نينتندو تقدمت على منافساتها في هذا المجال … لأنها كانت تعرف الجمهور الشاب خير معرفة، خلافا لمجموعات أخرى، مثل سوني، التي كانت تستهدف عادة البالغين".
وبفضل جهاز "غايم بوي"، ازدهرت شركات تطوير الألعاب التي كان أشهرها في تلك الفترة "تيتريس" وشخصيات "بوكيمون".
وقد بيعت حوالى 118 مليون وحدة من جهاز "غايم بوي" بنماذجه المختلفة، بالإضافة إلى 82 مليون وحدة من الجيل التالي "غايم بوي أدفنس".
أما عدد الالعاب المباعة، فهو يقدر بالمليارات.
ولخص سركان توتو المستشار في مجال ألعاب الفيديو الوضع على النحو الآتي "أرسى غايم بوي أسس ما يعرف اليوم بالألعاب المحمولة، أكانت على الأجهزة أو الهواتف الذكية. فالمفهوم هو عينه".
واشتهرت "نينتندو" مجددا في مجال ألعاب الفيديو بفضل جهاز "دي اس" الذي سوق في العام 2004 كأول جهاز لألعاب الفيديو مزود بشاشتين إحداهما تعمل باللمس وبيعت منه أكثر من 150 مليون وحدة في أنحاء العالم أجمع.
ثم طرحت الشركة في الأسواق مجموعة "3 دي اس" مع صور ثلاثية البعد التي لا تتطلب نظارات خاصة.
ولطالما حرصت "نينتندو" على تقديم مواد ترفيهية لأفراد العائلة جميعهم. ونجحت المجموعة في خلال 20 سنة في توسيع نطاق ألعابها التثقيفية الترفيهية وقاعدة جمهورها في الوقت عينه مع استقطاب مزيد من البالغين، لا سيما بفضل جهاز "وي".
وبقيت "نينتندو" ملتزمة مبادئها، غير أن الأوضاع قد تغيرت. فبين العامين 1988 و2014، انفجرت الفقاعة وتتالت الأزمات. وأصبحت اليوم المجموعة التي صمدت طوال سنوات عدة في وجه التباطؤ الاقتصادي تواجه تقدما تكنولوجيا متسارع الوتيرة.
لكن "نينتندو" تعاني اليوم من ادهار الهواتف الذكية.
غير أن "أجهزة ألعاب الفيديو ستبقى في قلب نشاطات نينتندو"، بحسب ما أكد ساتورو إواتا المدير العام التنفيذي للمجموعة في كانون الثاني/يناير.