تنتهي الاحد حملة الانتخابات الرئاسية في الجزائر بعد حرب كلامية نادرة الحدة اتهم فيها الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة اكبر خصومه علي بن فليس "بالارهاب" في حين واصل الاخير التنديد بمخاطر التزوير. والجزائريون مدعوون الى مراكز الاقتراع الخميس لاختيار رئيس في انتخابات تبدو محسومة سلفا ويعتبر بوتفليقة الاوفر حظا للفوز فيها رغم مشاكله الصحية التي حرمته من القيام بالحملة بنفسه. واختتم موفدو الرئيس الذين منعهم معارضو ولاية رابعة لبوتفليقة احيانا من الكلام، حملته الانتخابية في احدى قاعات المجمع الرياضي محمد بوضياف غرب العاصمة، والتي زينت بالمناسبة بالاخضر والابيض والاحمر، الوان العلم الجزائري، وأشادوا ب"المعجزة" التي حققها بطلهم الذي "أخرج الجزائري من الظلمات الى النور". وباستخدام الايحاءات الدينية نفسها وامام عدد كبير من ائمة المساجد، طلب مسؤول الحملة عبدالمالك سلال من الجزائريين ان "يؤدوا الامانة كما امرهم الله" يوم 17 نيسان/ابريل. وفي اشارة الى تصريحات علي بن فليس قال سلال "هم يقولون نحن او الانزلاق .. والله لا هم ولا الانزلاق" مضيفا ان للجزائر "جيشا وقوات امن يملكون من القوة ما يمنع اي مساس باستقرار الجزائر (...) اذهب الى الصندوق وخذ حقك". ولم يكن ينقص سوى بوتفليقة ليكتمل المشهد، فقد حضر عبدالقادر بن صالح والعربي ولد خليفة رئيسا غرفتي البرلمان وعمار غول وعمارة بن يونس الوزيران في الحكومة الحالية، بالاضافة الى الامين العام لجبهة التحرير الوطني، الحزب الحاكم، والامين العام لاتحاد العمال، النقابة المقربة من الحكومة، والجمعيات الطلابية والنسوية ومنظمات رجال الاعمال. ولملء الفراغ الذي تركه بوتفليقة الغائب عن الحملة الانتخابية، بث المنظمون خطابات قديمة للرئيس المنتهية ولايته. ورفض بن فليس خلال تجمع لانصاره في الرويبة بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، "تهديدات وحملات تشويه لم تعد تخفى على احد". وخرج بوتفليقة الذي غاب عن الحملة الانتخابية التي انطلقت في 23 اذار/مارس، مساء السبت عن صمته بلهجة غير معهودة تماما بمناسبة لقاء مع وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغايو. وبصوت ضعيف يكاد يكون همسا، وفق مشاهد عرضها التلفزيون الرسمي، اتهم بوتفليقة بن فليس بالعنف وذهب الى حد استعمال عبارة "الارهاب". وقال بوتفليقة امام ضيفه الذي اشار الى ان الحملة كانت صعبة "أن يأتي مرشح يهدد الولاة (حكام الولايات) والسلطات" و"يحذر عائلاتهم وابناءهم في حال وقوع تزوير، فماذا يعني؟". وشدد بوتفليقة على "انه ارهاب عبر التلفزيون" مشيرا باللغة الفرنسية الى ان الحملة "خلت من الاناقة" احيانا. واشار الرئيس بذلك الى تصريحات ادلى بها بن فليس الاربعاء حول مخاطر وقوع تزوير انتخابي. وقال بن فليس ان "التزوير حرام واستعمال المزور حرام، وسياسة التزوير حرام" مؤكدا انه يتوجه الى "الولاة ورؤساء الدوائر" (مساعدو حكام الولايات). واضاف متوجها الى "الذين تعودوا على سلب كلمة الشعب وتعودوا على سرقة إرادته، ما زالوا يطمحون ويطمعون أن يطبقوا العادة القديمة، عادة التزوير واستعمال المزور، خذوا حذركم، ايها الشعب الجزائري، ولا تقبلوا!". ويعتبر التزوير من المظاهر التي تعود مع كل المواعيد الانتخابية في الجزائر حتى ان واليا سابقا اقر مؤخرا بانه مارسه في الماضي نزولا عند تعليمات قيادته. وكتبت صحيفة الوطن الاحد ان "ما كشفته قناة تلفزيون الشروق عن والي وهران السابق بشير فريك صدم الراي العام الديموقراطي" متحدثة عن "مرض عضال". واضافت الصحيفة ان "الظاهرة شهدت انتشارا كبيرا الى حد الابتذال في تصريحات +حزب التزوير+ الذي يعتبر اكبر حزب في الجزائر". وحذر بن فليس رئيس الوزراء السابق المطلع على عمل كل مفاصل الادارة، منذ بداية الحملة الانتخابية، من ان التزوير سيكون "اكبر خصومه" في 17 نيسان/ابريل. واعتبر ان التزوير كان "الفائز" وان الديموقراطية كانت "الخاسرة" في انتخابات 2004 التي اهين فيها ولم يحصل سوى على 6 بالمئة من الاصوات وراء بوتفليقة الذي فاز ب85 بالمئة من الجولة الاولى. ويخضع بوتفليقة (77 سنة) الذي يحكم البلاد منذ 15 سنة، واصيب بجلطة في الدماغ اجبرته على البقاء في المستشفى في فرنسا ثلاثة اشهر السنة الماضية، لاعادة تأهيل صحية لاستعادة قدراته الكلامية والحركية. وقبل ساعات من هجوم الرئيس على بن فليس اتهمته ادارة حملة بوتفليقة ايضا بالعنف. وقال فريق بوتفليقة في بيان انه "أخذ علما باستمرار السلوك العنيف من جانب أطراف معادين لحسن سير الحملة الانتخابية، يتحملون مسؤولية ارتكاب أعمال عنف"، مؤكدا ان "ممثلي بن فليس هاجموا منظمي لقاءات انتخابية لانصار بوتفليقة في غرداية وسطيف والجزائر ومناطق أخرى في البلاد". وردا على ذلك ندد بن فليس في بيان "بعنف شديد" و"خطورة شديدة" مؤكدا "إنها تصريحات تهدف إلى تشويه سمعتنا واتهامات لا أساس لها".