أكد الوزير المنتدب المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة السيد محمد مبديع، اليوم الخميس بالرباط، على ضرورة بلورة استراتيجية وطنية مندمجة من أجل محاربة أنجع للفساد. وقال السيد مبديع في كلمة افتتاحية للقاء نظمته المدرسة الوطنية للإدارة حول موضوع "مكافحة الفساد بالمغرب.. أية إستراتيجية"، إنه بالرغم من المجهودات المبذولة في مجال محاربة الفساد بالمغرب، إلا أن "النتائج لم تكن في مستوى التطلعات"، معتبرا أن "المرحلة الراهنة تقتضي التجديد والابتكار في معالجة هذه الإشكالية وذلك عبر تبني استراتيجية وطنية مندمجة". وأبرز الوزير في هذا الصدد أن الحكومة عملت، من خلال منهجية جديدة وتشاركية، على إعداد دفتر تحملات بتشاور مع مختلف الأطراف المعنية، لوضع استراتيجية وطنية عملية للوقاية من الرشوة ومحاربتها، وهي العملية التي سيتم إنجازها على أربع مراحل تتمثل في التشخيص الدقيق للظاهرة مع الاطلاع على الممارسات الدولية الجيدة في هذا المجال، ووضع برامج العمل، وتنزيل المشاريع المقترحة في إطارها، وكذا اقتراح آليات لتتبعها وتقييمها. كما أكد السيد مبديع الحاجة إلى إرساء تدابير وقائية لظاهرة الفساد، بما في ذلك تضييق فرص اللجوء للرشوة بالإدارة، وتحفيز انخراط المواطنين "في هذه المعركة التي يتطلب كسبها نفسا طويلا وتضافرا لجهود جميع الفاعلين في هذا المجال". بدوره، أكد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة السيد عبد السلام أبو درار في المداخلة الرئيسية للقاء، الحاجة إلى تبني استراتيجية وطنية حقيقية لمحاربة الفساد، معتبرا أن قياس تقدم أو تراجع المملكة في محاربة هذه الظاهرة يظل غير ممكن في غياب استراتيجية ذات أهداف واضحة. وأبرز السيد أبو درار في هذا الإطار، أن التوفر على استراتيجية فعالة لمحاربة الفساد، يقتضي الاشتغال على الجانب الوقائي من خلال إرساء تدابير عدة من قبيل تسهيل المساطر الإدارية، وتكريس الحق في الولوج للمعلومة، وتعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، والنهوض بالأخلاقيات على مستوى الإدارة العمومية، وترسيخ تلقين مبادئ الشفافية والنزاهة في البرامج التعليمية. وبعدما سجل أهمية عنصر الزجر أيضا في مكافحة ظاهرة الفساد، باعتباره يقطع الطريق أمام الإفلات من العقاب، دعا السيد أبو درار إلى إنجاز بحث وطني حول الفساد في أفق وضع استراتيجيات قطاعية ضمن الاستراتيجية الوطنية المأمولة، مؤكدا في هذا الصدد ضرورة توافر الإرادة السياسية والتنسيق بين مختلف الفاعلين، والموارد الكافية، وذلك قصد ضمان نجاعة أكبر. وتطرق رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أيضا إلى التأثير السلبي لهذه الظاهرة على عدة واجهات، منها ما هو ما اقتصادي واجتماعي والثقافي. فحسب السيد أبو درار، فإن تعاطي الرشوة في مجال السير الطرقي، على سبيل المثال، يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية فادحة. كما تساهم ظاهرة الفساد في تعزيز الإقصاء الاجتماعي، على اعتبار أن "من يدفع الرشوة يلج للخدمة، ومن لا يدفع لا يتمكن من الولوج إليها". وحسب رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، فإن خطورة ظاهرة الفساد تزداد حدة، عندما يطبع المجتمع معها ويسلم بحتميتها، بحيث لا يجد المواطن بدا من تقديم الرشوة للحصول على أبسط حقوقه.