خصصت وزارة الداخلية المغربية 40 ألف مكتب تصويت في الاستفتاء حول الدستور الذي ينظم يوم الجمعة في مختلف أنحاء المملكة، ويشرف على كل مكتب رئيس وثلاثة أعضاء بالإضافة الى نواب لهم أي نحو 320 ألف شخص في المجموع. كما خصص 520 مكتبا بسفارات وقنصليات المملكة بالخارج. ويشارك في الاستفتاء 13 مليونا و106 ألفا و948 ناخبا مقيدون في اللوائح الانتخابية العامة المحصورة بصفة نهائية على إثر المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية العامة المجراة ما بين 7 و31 ايار/مايو الماضي. كما يشارك فيه بالإضافة الى ذلك، العسكريون العاملون أيا كانت رتبهم وأعوان القوة العمومية (الدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة) وبوجه عام جميع الاشخاص الذين لهم الحق في حمل السلاح خلال مزاولة مهامهم. وقد انطلقت حملة الاستفتاء على الدستور في الساعة الأولى من يوم الثلاثاء الماضي وتستمر إلى غاية الساعة الثانية عشرة ليلا من يوم الخميس. وحسب مدونة الانتخابات لا يجوز أن يشارك في حملة الاستفتاء إلا الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية المؤسسة بصفة قانونية في تاريخ افتتاح الحملة. ومن المقرر ان يفتتح الاقتراع في الساعة الثامنة صباحا ويختتم في الساعة السابعة مساء دون إمكانية تمديده. وعرفت حملة الاستفتاء على الدستور الجديد مداخلات احزاب وهيئات نقابية ومدنية مؤيدة لمشروع الدستور او اعلنت مقاطعتها له في وسائل الاعلام الرسمية. كما نظمت تجمعات في المدن بالاضافة الى حملات اعلانية بالصحف قامت بها بعض الاحزاب. وطلبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من الوزير الأول عباس الفاسي تمكينها من التعبير عن موقفها من مشروع الدستور الجديد في الإعلام العمومي في 'إطار حرية الرأي والتعبير التي يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان'، كما قالت. وقالت رئيسة الجمعية خديجة الرياضي ان على الحكومة تمكينها من استعمال الإعلام السمعي والبصري العمومي للتعبير عن موقفها من مشروع الدستور. وتدعو الجمعية لرفض ومقاطعة الاستفتاء معتبرة أن التعديلات على الدستور الجديد تفتقد للمشروعية الديمقراطية والتمثيلية، مؤكدة أن اللجنة التي صاغته غير منبثقة من الإرادة الشعبية ولا تتمثل فيها جل القوى الحية بالبلاد. واشارت الجمعية الى أنه رغم الحصص المخصصة للأحزاب والنقابات في التلفزة والراديو للتعبير عن آرائها في الموضوع (بغض النظر على مدى تجاوبها مع مبدأ المساواة)، فإن القنوات الرسمية الإذاعية والتلفزية تمرر خلال اليوم برامج وأخبار وأشرطة دعائية 'لا مكان فيها لرأي مخالف للرأي الرسمي الداعي للتصويت لصالح الدستور المقترح'، معتبرة أن هذا 'يتنافى مع أخلاقيات مهنة الصحافة ومع الدور المنوط بالإعلام العمومي الذي يجب أن يعكس التنوع والاختلاف في الرأي الموجود في المجتمع'. وقالت الجمعية: 'لذا نطلب منكم التدخل لتصحيح هذا الوضع، بدءا بتمكين الجمعية من استعمال الإعلام العمومي للتعريف بمواقفها ومطالبها في هذا الموضوع، والانفتاح على كافة الآراء حتى خارج الحصص الموزعة على الأحزاب والنقابات'. واعرب الحزب الاشتراكي الموحد عن استياء واستغراب من إقدام وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على إلزام خطباء الجمعة بقراءة خطبة رسمية موحدة بالمساجد المغربية ظهر يوم الجمعة الماضي تضمنت دعوة صريحة للمواطنين المغاربة للتصويت بنعم على مسودة الدستور'. وقال بيان لحزب ارسل ل'القدس العربي ان خطبة الجمعة 'اعتبرت التصويت بالموافقة واجبا وطنيا ودينيا وان من لا يقوم به يعتبر آثما وقال الحزب ان هذه قراءة متعسفة لمجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي يتم إخراجها عن سياقها واستفزاز واضح لمشاعر المواطنين وعدد من أئمة المساجد، باعتماد خطاب مخزني عتيق يزج بالدين في قضايا خلافية لتحقيق هدف سياسي يتمثل في الدفاع عن دستور ممنوح لا يرقى إلى تطلعات الشعب المغربي في إقرار دستور ديموقراطي قائم على نظام ملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم. وهو الاستفتاء الذي أعلنت العديد من الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية مقاطعتها له'. ودعا الحزب الذي كان اعلن في وقت سابق رفضه لمشروع الدستور وطالب ب'إبقاء الدين والمساجد بعيدا عن التوظيف السياسي وعدم الزج بها في القضايا السياسية والدنيوية الخلافية، كما دعا كل الهيئات الديمقراطية المؤمنة بالتغيير للتعبئة من أجل التصدي لهذا الانحراف الذي يتنافى مع مكانة الدين الإسلامي الذي يمثل اللحمة الضامنة للوحدة الوطنية، كما يتنافى مع منطق العصر ومتطلبات مرحلة ما بعد حركة الثورة العربية و20 فبراير، التي لا يمكن بعدها إعادة عقارب الساعة المغربية للوراء'. وفيما اعلنت جل الاحزاب والنقابات والهيئات المدنية المعترف بها موافقتها على مشروع الدستور الجديد ومشاركتها بالاستفتاء اعلنت كل من احزاب اليسار المعارضة وحزب النهج الديمقراطي والكنفدرالية الديمقراطية للشغل وجماعة العدل والاحسان الاصولية شبه المحظورة رفضها للمشروع ومقاطعة الدستور. وقالت جماعة العدل والاحسان في نداء وجه للشعب المغربي ارسل ل'القدس العربي' أن 'الدستور المفروض لا يعطي المواطن أهم حق في دولة الديمقراطية الحقيقية، حق محاسبة ومتابعة من يحكم وان كل السلطات جُمعت في يد سلطة واحدة فوق الدستور، سلطة تتحكم في دين المواطنين ودنياهم دون حسيب ولا رقيب، مما سيؤدي إلى مزيد من إضاعة الحقوق وينعش الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ويُبقي المغاربة في حياة البؤس والقهر والفقر والبطالة، وانعدام المقومات الأساسية للعيش الكريم.. ليبقى المجال مفتوحا لاستمرار احتكار حفنة من المفسدين لخيرات البلاد'. ونشرت صحف مغربية تحذير الأمين العام لجبهة البوليزاريو من 'تداعيات' إدراج الصحراء في الاستفتاء الدستوري بالمغرب وقال في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة نشرها موقع الجبهة على الانترنيت 'احرص على أن أوجه إليكم هذه الرسالة للفت انتباهكم إلى نيات الحكومة المغربية تنفيذ قرارات سياسية تتعلق بالإصلاح الدستوري في المغرب، على أن تشمل أيضا الصحراء الغربية' التي تنازع الجبهة المدعومة من الجزائر السيادة عليها مع المغرب. ودعا عبد العزيز إلى 'اتخاذ كل التدابير الضرورية لحض المغرب على التراجع عن هذا القرار الذي يشكل تجاوزا للحدود المعترف بها دوليا وانتهاكا كبيرا لشرعة الأممالمتحدة وقراراتها والقانون الدولي'. وقال عبد العزيز ان الصحراويين وحدهم يحددون الوضع القانوني النهائي للصحراء عبر استفتاء حر وعادل ونزيه حول حق تقرير المصير ينظم بإشراف الأممالمتحدة'.