تزخر جهة الرباطسلا زمور زعير بموروث حرفي هام في مجال الصناعة التقليدية، إذ تتميز العديد من مدن الجهة بصناعات تقليدية، يجعل من القطاع ركيزة أساسية لتحقيق التنمية. فبين حرف التزيين، المتمثلة في الزرابي الحضرية والقروية، والشموع ومنتوجات الخزف والسيراميك والنحاس والحديد المطروق والخشب والقصب والنسيج التقليدي، والتأثيث والألبسة والأكسسوارات، والمعمار التقليدي وكذا صياغة الحلي والمجوهرات، تتخذ الصناعة التقليدية مكانة هامة ضمن النسيج الاقتصادي المحلي. ومن ثم فإن تنمية القطاع بجهة الرباطسلا-زمور-زعير تشكل خطوة أساسية من أجل الارتقاء بمنتوج الصناعة التقليدية المحلية بالجهة، وتعزيز إسهامه في تطوير الاقتصاد المحلي. في هذا الإطار، يسعى عقد برنامج مخطط التنمية الجهوية للصناعة التقليدية لجهة الرباطسلا زمور زعير الذي وضعته وزارة الصناعة التقليدية و الاقتصاد الاجتماعي و التضامني تحت شعار "الصناعة التقليدية بالجهة رمز للهوية والتراث في خدمة فن الحياة"، إلى توفير الأرضية الملائمة من أجل تطوير وتثمين الصناعات التقليدية المحلية، في أفق تمكينها من القيمة المضافة لتسويق المنتوجات في الأسواق المحلية والخارجية. وحسب عقد البرنامج فإن الصناعة التقليدية بالجهة تتميز بكونها حضرية بشكل أساسي، خاصة بمدينتي الرباطوسلا حيث تنتشر الصناعات التقليدية، كما يحضر الطابع القروي في نقط كالخميسات، ويتمثل الفاعلون في الإنتاج في مجال الصناعة التقليدية، في كل من الصناع الفرادى والتعاونيات والجمعيات المهنية والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، أما مجال التسويق فيشمل البازارات وتجار الجملة والمحلات التجارية الصغرى، إذ يتم توجيه منتوجات الصناعة التقليدية لجهة الرباط-سلا-زمور-زعير إلى أربعة أسواق، تشمل السوق المحلية والسياحية والتصدير وسوق المهنيين. وتعاني الحرف التقليدية بالجهة أساسا -تضيف الوثيقة- من جملة من المعيقات التي تحد من تطور آفاق القطاع، تتلخص إجمالا في صعوبة التزود بالمواد الأولية وإشكالية التجديد والابتكار، وضعف تثمين الخصوصيات الجهوية، إلى جانب تفاوت جودة المنتوجات التقليدية واستعمال طرق ووسائل إنتاج تقليدية وعتيقة من طرف الصناع الفرادى، وكذا قلة اليد العاملة المؤهلة ومشاكل العقار وترشيد تقنيات الإنتاج بالنسبة للمقاولات الصغرى والمتوسطة والتكتلات المهنية المهيكلة. كما تتمثل المعيقات في صغر حجم وحدات الإنتاج وضعف مستوى هيكلتها، مما يحد مÜن ولوج منتوجات الصناعة التقليدية للجهة إلى شبكات التوزيع العصرية وخاصة سÜÜوق التصدير والمهنيين، ومشاكل الصحة والسلامة المهنية بالنسبة لبعض الحرف، وصعوبات الترويج والتسويق نتيجة ضعف إشعاع منتوجات الصناعة التقليدية بالجهة، وعدم إدماج فضاءات العرض داخل المدارات السياحية، إضافة إلى عدم ملاءمة منظومة التكوين بالجهة لحاجيات القطاع. وتقوم استراتيجية تنمية قطاع الصناعة التقليدية بجهة الرباطسلا زمور زعير على تشخيص شامل للوضعية الراهنة وعلى تقييم المؤهلات التنموية لهذا القطاع بالجهة، وذلك انطلاقا من دراسة وثائقية تهم استغلال المعطيات المتعلقة بقطاعي الصناعة التقليدية والسياحة على الصعيد الوطني والجهوي، وكذا دراسات ميدانية ارتكزت على العديد من اللقاءات مع عينة تمثيلية من الفاعلين في القطاع، من أجل تدقيق مختلف النقاط الخاصة بسلسلة القيم. تشير وثيقة الوزارة إلى أن برنامج عمل الصناعة التقليدية بجهة الرباط-سلا-زمور-زعير يشمل مجموعة محاور تهم خلق نسيج من المقاولات النشيطة، ورفع مداخيل الصناع التقليديين الفرادى، وإنجاز تدابير أفقية، فضلا عن إجراءات مؤسساتية للمواكبة ، وكذا خلق فرص إنجاز مشاريع خاصة. وتقدر الميزانية المرصودة لإنجاز مجموع المشاريع المدرجة مخطط التنمية الجهوية للصناعة التقليدية لجهة الرباطسلا زمور زعير، حوالي 193 مليون درهم، وتتمثل الأهداف الأساسية لهذا المخطط في تحقيق 7ر2 مليار درهم كإجمالي رقم المعاملات، وتحقيق 80 مليون درهم كرقم معاملات في سوق التصدير، فضلا عن خلق 12 ألف و450 منصب شغل، وتكوين خمسة آلاف و100 خريج. يهدف مخطط التنمية الجهوية للصناعة التقليدية لجهة الرباطسلا زمور زعير إذن، إلى تطوير القيمة المضافة لحرف الصناعة التقليدية بغية تمكينها من ولوج الأسواق وتحقيق إشعاع حقيقي للموروث التقليدي بالجهة عبر إبراز الخصوصيات الثقافية المحلية، وذلك من توفير حل شامل للتهيئة الداخلية وتعزيز البنيات التحتية الكفيلة بتطوير الإنتاج، بغية إرساء أسس صناعة تقليدية مندمجة مع السياحة الثقافية وسياحة الأعمال، وتوفير مناخ ملائم لنهوض اقتصاد اجتماعي يهدف إلى استقطاب الزبناء المحليين.