يعيش سكان بعض القرى بجبال الأطلس المغربية في أوضاع صعبة بسبب موجة الصقيع، وتساقط الثلوج التي تجتاح المملكة، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم عزلة بعض المناطق، فيما تجد بعض الفئات نفسها في شبه عراء تام تحت درجة حرارة تصل إلى 4 تحت الصفر. تقطن السيدة "ماما مسكور" بحي عشوائي في قرية تقع بجبال الأطلس الكبير تسمى تسركات بمحافظة زاكورة، وتطالب السلطات المحلية سكان هذا الحي بإخلاء أكواخهم في غضون أيام وإلا ستعمل على هدمها بالجرافة. وتقول السيدة إنها غاضبة بسبب هذا الإجراء وخاصة أنها تسكن في العراء، وتفترش جريد النخيل وتتغطى به. وأوضحت أن الثلوج كفيلة بتنفيذ المهمة المطلوبة بدل السلطات، لأن جريد النخل وأغطية البلاستيك لا تتحمل هذه الأجواء. وقالت إن ظروفها مأساوية لأنها تتدبر قوت أبنائها إما اعتمادا على التسول أو بالاشتغال كخادمة أحيانا لدى بعض سكان مدينة زكورة. وأضافت أنها تعتمد في الإنارة على الشموع، وأنه في غير مستطاعها تدبير حطب التدفئة لغلائه، مما يجعل أطفالها عرضة لنزلات البرد والإصابة بالحمى، وحتى في مثل هذه الحالات لا تأخذهم إلى الطبيب لبعد المستوصف عن المنطقة، وكذا لعدم قدرتها على سداد ثمن الأدوية. وتحكي أن زوجها تركها وحيدة تصارع الحياة، بعدما قرر الهجرة والزواج من امرأة أخرى، مشيرة إلى أنها وأبنائها لا يتوفرون على أوراق هوية لكونها تزوجت بدون أوراق رسمية ما حرم أولادها من متابعة دراستهم. وتبنت العصبة المغربية لحقوق الإنسان فرع زاكورة، حالة "ماما مسكور"، وراسلت محافظ الإقليم من أجل التدخل لتسليمها شهادة زواج حتى تتمكن من تقديم دعوى ثبوت الزوجية. واعتبرت الجمعية في مراسلتها بأن رفض السلطات منح هذه المواطنة الشواهد اللازمة وكذا شهادة الإقامة قصد تجديد بطاقة التعريف الوطنية، يعد خرقاً لحق من حقوق الإنسان. يذكر أن جل القرى المنسية بالمغرب العميق تكاد تعيش نفس الوضعية بدرجات مختلفة، فمن أهم سماتها العزلة والهامشية، بسبب المسالك الوعرة التي يتم التنقل فيها على ظهور الدواب، فيما لا يسمح بعضها إلا بمرور سيارة واحدة. وتفتقد تلك القرى في غالبيتها البنيات التحتية، وخاصة في مجال الخدمات العمومية، الشيء الذي ينجم عنه ارتفاع نسبة وفيات الأطفال والنساء الحوامل، وكثيرا ما تضطر بعض الأسر إلى توفير احتياطي المؤونة الغذائية والحطب قبل بداية موسم الشتاء.