مهرجان «بني عمار زرهون» اشتهر بفقرة «كرنفال الحمير» على الرغم من ميزانيته المتواضعة، وتنظيمه في بلدة بعيدة عن المراكز الثقافية والمدن المعروفة، مثل مراكش وفاس وطنجة وأغادير والدار البيضاء والرباط، ذاع صيت «مهرجان بني عمار زرهون»، بسبب اهتمامه، في بادرة غير مسبوقة، بالحمير. لذلك ساد انطباع بأن المهرجان، الذي بلغ هذه السنة دورته التاسعة، اكتسب أهميته من برمجة المنظمين عليه فقرة «كرنفال الحمير»، التي تتضمن مسابقات «أسرع حمار» و«أجمل حمار» و«الحمار الأكول» و«ترويض الحمار» و«أهزل حمار».
وقال محمد بلمو، مدير المهرجان، ل«الشرق الأوسط»، إن المهرجان، الذي تنظمه «جمعية مهرجانات بني عمار للسينما والثقافة»، هو «أفقر مهرجان في المغرب، على مستوى الميزانية»، مشيرا إلى أن المهرجان يتلقى دعما محدودا لا يتيح له أن يصبح مهرجانا كبيرا، على غرار بعض المهرجانات المغربية. ويعتقد بلمو أن «مهرجان بني عمار» أبدع فكرة كرنفال يكرس الحمير نجوما في مسابقات السرعة والجمال، وهي «نجوم تقنع، في حالة الفوز، بأكياس من الشعير وجوائز مالية متواضعة من أجل العناية بها» على حد قوله.
وستنظم الدورة التاسعة من «مهرجان بني عمار» في الفترة ما بين 15 و17 يوليو (تموز) المقبل. وعلى الرغم من تضمين «مهرجان بني عمار» فقرة مسابقات للحمير، وهي فكرة جلبت الاهتمام للمهرجان، فإن المنظمين صاروا يخصصون جانبا من جهدهم لدعوة الناس إلى التمييز بين المهرجان والكرنفال، والتشديد على أنهم ينظمون مهرجانا يتضمن فقرة تسمى «كرنفال الحمير» ولا ينظمون مهرجانا للحمير. وأبرز بلمو أن «كرنفال الحمير»، الذي طغى على البرنامج العام للمهرجان، بسبب فرادته وتهافت وسائل الإعلام عليه، ليس حبا فيه، لكن لأنه يوفر عنصر الإثارة الإعلامية، يأتي في سياق التصالح مع هذا الحيوان، عبر إعادة الاعتبار للحمار ككائن نبيل، وخلخلة الفكرة الجاهزة والأحكام المسبقة حول هذا الحيوان.
ويشرح بلمو، قائلا «كرنفال الحمير» يبقى صيغة عملية وإبداعية جريئة لتحقيق التفرد وفتح آفاق واعدة على اعتبار أن مراكمة التجربة والإشعاع ستجعل المهرجان قبلة والمهتمين، مما سينعكس إيجابا على الحركة الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، ويسهل الترويج للسياحة الثقافية والجبلية والقروية كعنصر اقتصادي أساسي للسكان بجانب الفلاحة التي تعاني مشكلات. والأهم من كل ذلك، يضيف بلمو، أن «(كرنفال الحمير) يشكل دعوة للتخلي عن المواقف والأحكام الظالمة في حق الحمير، كما أنه يوفر لأطفال القرى مجالا للمنافسة والتألق والنجومية». ويشدد بلمو على أن هدفهم إعادة الاعتبار للحمار «هذا الكائن النبيل الذي يلعب دورا أساسيا في المنطقة، في حين أن الهدف الثاني هو خلخلة الأفكار الجاهزة، والهدف الثالث تكريس التميز لمهرجاننا» على حد تعبيره. وعدد بلمو عددا من الطرائف، التي ظلت ترافق تنظيم «كرنفال الحمير»، فقال «كانت هناك حملة طبية أسهم فيها 12 طبيبا، واستفاد منها أكثر من 250 شخصا، وفي الوقت نفسه كانت هناك حملة بيطرية لفائدة البهائم استفادت منها نحو 200 دابة، من الحمير والبغال. أحد المشاركين في المهرجان صور فيديو لحمار قدم وحده إلى أن وصل نهاية الصف الخاص بالحملة البيطرية ووقف ينتظر دوره، في المقابل عانى المنظمون كثيرا من تزاحم الناس الذين كانوا يريدون الاستفادة من الحملة الطبية من دون أن ينتظموا في صفوف أمام مكاتب الأطباء وصيدلية الحملة».
وحول برنامج الدورة التاسعة قال بلمو إن الدورة ستنظم تحت شعار «عدالة ومساواة للجميع»، وستعرف تكريم العربي الصبان، عميد فناني الكاريكاتير المغاربة، وأيضا القاص والناقد محمد إدارغة، فيما ستتمحور ندوة المهرجان حول موضوع «أي مكانة للعالم القروي في مشاريع الإصلاحات بالمغرب»، بمشاركة إدريس لكريني وعبد الرحيم العطري ورشيد لبكر. بالإضافة إلى توقيع كتب وقافلة للقراءة، وورشتين في مسرح الطفل والتشكيل، وقراءات شعرية وزجلية، وسهرات فنية، إضافة إلى نهائيات مسابقات الحمير، حيث ستتميز هذه الدورة بتنظيم ثلاث مسابقات في السرعة (100 متر، 500 متر، 1000 متر)، بالإضافة إلى مسابقة اختيار أجمل حمار أو حمارة، فيما ستغيب مسابقات «الحمار الأكول» و«الترويض»، و«أهزل حمار»، وهي مسابقة تمثل، في رأي المنظمين، إنصافا للحمار الهزيل ورسالة إلى صاحبه كي يعيد النظر في طريقة التعامل معه. وبرر بلمو حذف بعض المسابقات، من برنامج «كرنفال الحمير»، بقوله «إن أحد جوانب المهرجان هي الفرجة والفكاهة، بالإضافة إلى الجدية، لذلك فإضافة مسابقات جديدة (الحمار الأكول) استهدفت الفرجة والمتعة والفكاهة، لكننا كنا نراهن على ضمان تمويل أفضل للجوائز المالية، الشيء الذي لم يتوافر لنا، مما جعلنا نحذف مسابقات، مقابل التركيز على أخرى، خصوصا الاستعراضي منها».
ويسبق انطلاق فعاليات الكرنفال، لهذه السنة، تنظيم إقصائيات لسباقات الحمير، يومي 24 و25 يونيو (حزيران) المقبل، حيث ستوزع استمارات على الراغبين في الترشيح لتضمينها معلومات خاصة بالحمار وراكبه، وللتوقيع على الالتزام بشروطها، كما ستعاين لجنة تابعة للجمعية، خلال هذه الإقصائيات، حالة الحمير المرشحة وركابها، ومدى مطابقتها لشروط المسابقة، وفي مقدمتها أن يكون الحمار سليما ومعافى، وألا تتجاوز سن راكبه 16 سنة، وأن يكون وزنه خفيفا. ووضع المنظمون قوانين صارمة للحفاظ على كرامة الحمير، خلال المنافسات، بمنع استعمال العصي والهراوات، أو أدوات الوخز، أو ضرب الحمير بالأرجل أثناء السباقات، كما منعت شتم الحمير أو حثها على الجري بعبارات غير مناسبة ومهينة. وكانت نتائج مسابقات «كرنفال الحمير»، خلال آخر دورة، قد أسفرت عن فوز الحمار «نوفل»، بمسابقة أجمل حمار، وفاز الحمار نفسه بالمرتبة الثالثة في مسابقة أسرع حمار، فيما سقط الحمار «بوش» في مسابقتي الجمال والسرعة.