شكلت الخيمة الصحراوية ، التي نصبت في قلب روما على مدى ثلاثة أيام (14 16 نونبر) ، مسرحا لعدد من التظاهرات الثقافية التي تحتفي بالصداقة بين إيطاليا والمغرب، البلدان العريقان في حوض المتوسط. وقد أثارت "خيمة روما"، التي ترمز إلى التراث الثقافي للأقاليم الجنوبية للمملكة، إعجاب الإيطاليين والسياح الأجانب الذين يزورون العاصمة الإيطالية. واعتبر أحد سكان روما أن هذه الخيمة ، التي تم نصبها في إطار الأيام الثقافية المغربية الإيطالية، تحيل على "حياة بسيطة لكنها رائعة " ، فيما قال صديقه الذي لفت انتباهه حفل الشاي الذي نظم على إيقاع فرقة شعبية من الأقاليم الجنوبية "إن هذا يذكرني بالإقامة الرائعة بمرزوكة". وثمن إيطاليون ومغاربة في شهادات لهم إقامة الخيمة الصحراوية بوسط روما على اعتبار أنها شكلت فضاء لإجراء نقاشات شملت مجالات مختلفة منها على الخصوص السوسيولوجيا والتاريخ والسياسة. ومن جانبها، أبدت جامعية إيطالية إعجابها بالزربية والملابس التقليدية والشاي المغربي والعروض الموسيقية التي قدمت بالمناسبة ، مشيرة إلى أن مثل هذه الأمور "تقرب بعضنا البعض". أما شقيقتها المصورة فقالت إنه "لفهم ظاهرة أو شعب ما، فلا بديل عن الاقتراب منه ومشاركته الأكل والغناء". وعلى مدى ثلاثة أيام، حاول إيطاليون ومغاربة مقاربة علاقاتهما الثنائية من خلال الثقافة، وهو ما أشارت إليه الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر السيدة سمية بنخلدون ، في افتتاح مائدة مستديرة نظمت بالمناسبة ، عندما أكدت على أهمية الثقافة في ظل العولمة على اعتبار أنها " تعبر عن هويتنا وتمكننا من أن ننشر في العالم صورتنا وقيمنا وموسيقانا وتقاليدنا وكذا تراثنا". وبدوره، قدم رئيس مجلس المستشارين السيد محمد الشيخ بيد الله عرضا حول موضوع "تدبير التعدد الثقافي بالمغرب" متوقفا بالخصوص عند الثقافة الحسانية. وأوضح السيد بيد الله أن الصناعة التقليدية تشكل من خلال منتجاتها المتعددة ومختلف مظاهرها ، رافدا من روافد التراث الثقافي الغني للأمة ، مضيفا أنها تعد إحدى التعبيرات الثقافية الإبداعية المحلية التي "تنصهر في مزيج بين الأصالة والمعاصرة و بين ما هو محلي وما هو عالمي". وفي معرض حديثه عن الخصوصيات الرئيسية للثقافة الحسانية، أوضح السيد بيد الله أن هذه الأخيرة تشكل جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية التعددية، وتستند على مرجعية غنية منها على الخصوص القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر والحكم والتقاليد الاجتماعية. وأشار إلى أن الحسانية هي اللغة الأم بالنسبة لغالبية المغاربة الذين يقطنون بالمنطقة الممتدة من واد نون إلى غاية الحدود الموريتانية، كما تتحدث بها ساكنة الفضاء الجغرافي الممتد من كلميمجنوب المغرب إلى غاية الحدود السينغالية والموريتانية من جهة، وشمال ماليوجنوب غرب الجزائر من جهة أخرى. وأعرب سفير المغرب بإيطاليا السيد حسن أبو أيوب عن ارتياحه الكبير لنجاح هذه التظاهرة وللأصداء الايجابية التي خلفتها لدى الجمهور الإيطالي . وقال في هذا الصدد " لقد فوجئنا بالإقبال الكبير للجمهور الإيطالي والأجانب" على هذه التظاهرة، منوها ب " المستوى العالي للمدعوين الذين شاركوا في هذه الايام وكذا بجودة المداخلات التي تناولت عددا من القضايا خاصة الاقتصادية والثقافية التي تهم العلاقات المغربية الإيطالية". وأضاف أن " المغرب ، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يتمتع بسمعة جد طيبة لدى الأوساط السياسية والاقتصادية والثقافية الإيطالية كما تدل على ذلك هذه الايام التي حققت نتائج فاقت التوقعات". وأضاف أن الثقافة تعد الوسيلة الأكثر نجاعة للتقريب أكثر بين البلدين، ومن ثمة العمل على تطوير علاقات التعاون والصداقة بين ضفتي المتوسط. وسجل أن العلاقات العريقة بين البلدين وقيمهما المشتركة، والإمكانيات الكبيرة التي يزخران بها، والقواسم المشتركة بين الشعبين تعتبر كلها مؤهلات ينبغي الاستفادة منها لإرساء أسس علاقات متينة سواء على المستوى الإنساني أو المؤسساتي. وأكد أنه "حان الوقت لكي يعمل البلدان على إحداث آليات جديدة للتعاون كفيلة بتحقيق شراكة استراتيجية".