سأتطرق في هذا المقال إلى ما يجب التركيز عليه في إصلاح التعليم ، حتى لا يتم خلط الأوراق و حصول نوع من اللبس على الأساتذة ولكي لا تضحك علينا الوزارة بإصلاحاتها المتضعضعة و الراشية ، التي لا تمس الجوهر بشيء سوى إهدار للمال في غير موضعه ، وسأحاول وضع الدواء المناسب على الجرح الغائر . وكل ما سأذكره هو خلاصات لما شاهدته في عدة برامج لقنوات عربية أثناء الحديث عن منهجية تطوير التعليم باستضافة الدكتور طارق السويدان و غيره.. إذا كنت أستاذا فإنك تتبع منهجية لإيصال المعارف و المهارات ..و إذا كنت تدير مشروعا فإن لك طريقة و إستراتيجية و منهجية للعمل تقود بها . و نحن نتساءل ماهي منهجية وزير التربية لإصلاح أو إفساد التعليم ،فإن وجدت لماذا لا يتم إطلاعنا عليها لنعرف إلى أين نحن ذاهبون ؟؟ وهل تتوافق منهجيته مع المعايير المحددة دوليا كما سنبين في هذا المقال ؟ فليعلم الجميع أن إصلاح الأمة يكون بإصلاح الفكر ، و إصلاح الفكر يتم أساسا بإصلاح شيئين اثنين : التعليم و الإعلام . فما هي أساسيات و أركان تطوير التعليم ؟ 1 : الرؤيا أو التخطيط :هل عند وزير التربية الوطنية خطة تشغيلية مكتوبة ؟ ، بحيث تكون واضحة وقابلة للقياس . هل هناك خطة للمتخرجين ؟ كم عدد نريد ؟ في أي تخصص نريد أكثر ؟ ما نوع البلد الذي نريد : صناعي – زراعي – نووي.....؟ فيجب توظيف التعليم لخدمة استراتيجية الدولة .فالتخطيط يطلعنا إلى أين سنتجه . المعروف أن المنظمات الصغيرة يجب أن تكون لها خطة استراتيجية ل 5 سنوات المقبلة ، و 10 سنوات للمنظمات المتوسطة ، و 15 سنة للمنظمات الكبيرة. فماليزيا على سبيل المثال في سنة 1985 قررت أن تكون دولة صناعية فقاموا بتعديل أول شيء ، مناهج التعليم لخدمة هذا الهدف ، و في 1995 أصبحت عاشر دولة صناعية في العالم . 2-أركان التعليم : هناك أربعة أركان أساسية للنهوض بالتعليم الأستاذ: : تلعب دينامكية الأستاذ مع تلاميذه داخل الفصل الدراسي دورا بيداغوجيا استراتيجيا في تحبيب الدراسة للمتعلم و تشويقه ، إذ بقدر ما يكون المدرس محافظا على الوقت من الهدر و الضياع ، منفتحا على تلاميذه ، منصتا، محفزا،متسامحا، موزعا للأدوار،مساعدا لهم على تحصيل المعلومة و المعارف و كسب الكفايات النوعية و القيم الإنسانية النموذجية...، ينعكس هذا على البنية المعرفية و الشخصية للمتعلم ، و لا يتأتى هذا إلا إذا كان الأستاذ راضيا و ومُحَفزا و مرتاحا ماديا و نفسيا و وفرت له الظروف المساعدة على العطاء ، والسهر على تدريبه للتعامل مع المستجدات و تطوير أدائه المهاري ، فلا يخفى على أحد المهام المنوطة بالمربي ، ولهذا لا نستغرب عندما نجد في الدول الحديثة أن أعلى الرواتب هي للمعلمين خصوصا التعليم الأولي و الابتدائي ، اليابان تنفق 3.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الذي يبلغ 5 تريليونات دولار، جزء كبير من هذه الأمول مخصص لرواتب المعلمين ، الذي يعتبر من أعلى الرواتب في البلاد ، ليتفرغ بشكل كامل لمهنته و يقدم أفضل ما لديه ، لتنشئة جيل قادر على مواصلة مسيرة الاختراع و الابتكار ، فعلى هذا الأساس يجب تطوير الأستاذ و من أسس تطويره : إعطاء رخص للمدرسين مدتها 4 سنوات إذا انتهت المدة ممنوع على المربي أن يدرس إلا بعد أن يختبر على المناهج و طرق التدريس الجديدة . ففي المغرب الأستاذ يتكون في المركز لمدة سنة أو سنتين ، بعدها يعين للتدريس طول حياته بتلك المعلومات التي تلقاها في المركز ، و قد لا يزوره المؤطر التربوي إلا نادرا أو من أجل الترقية ، وعليه وجب على الدولة تدريب كل شخص في النظام التعليمي ( أستاذ- مدير- مفتش- نائب- مدير الأكاديمية...) وذلك بأخذ حد أدنى من التدريب ، و الحد الأدنى من التدريب المتعارف عليه عالميا كما يقول د.طارق السويدان هو : 3 دورات تدريبية في السنة ، كل دورة متوسطها 3 أيام ، و اليوم التدريبي يتحدد في 4 ساعات : هذه مقاييس عالمية . المنهج : هناك فرق بين المنهج و الكتاب ، المنهج هو ملف يتضمن مخرجات و مواصفات المتعلم و الوسائل و الأدوات... أو بمعنى آخر الكفايات و المهارات التي نريدها في المتعلم بعد التخرج . بعدها نبحث عن الكتاب الذي يحقق لنا المنهج .فالكتب تمثل 40 بالمئة من المنهج فقط ، والكتاب يجب أن يكون مناسبا لمستوى الطالب و مشوقا بمعلوماته و طريقة عرضه و صوره .- هذا من بين الأسباب التي تجعل الكتاب المدرسي ملقى في الشوارع و ممزقا في نهاية السنة ، لرداءته - وللأسف من عيوب وزارة التربية الوطنية ، أن جعلت أنظمة الرقابة تقوم على مراقبة الوثائق و التحاضير ، على عكس بعض الدول ، التحضير يعطى جاهزا للمدرسين ، لإراحته و يبقى له وقت الإبداع و التطوير والاهتمام بالمتعلمين... و لا ننسى التذكير ببعض الادوات التي تدعم المنهج : كالأقراص المدمجة – أفلام – مختبرات... الإدارة : هنا نسأل من سيدير الإدارة ؟ و كيف ؟ و ما المهارات التي يجب توفرها في من سيدير ؟ من عيوب الإدارة في المغرب ، و نخص التعليم ، أن المدرس هو الذي يصير مديرا ، أي أن التربوي هو من يتكلف بالإدارة ، بغض النظر عن قدرات المدير (مدير مدرسة – مدير أكاديمية - ..)في الإدارة فالعمل في الإدارة يختلف عن العمل في القسم ، فكلنا يعلم أن الإدارة علم قائم بذاته ، وتتطلب مهارات في التخطيط التشغيلي ، و التخطيط الإستراتيجي ، فن اتخاذ القرار ، إدارة الإجتماعات ، فريق العمل ، كتابة التقارير ...، ففي أمريكا على سبيل المثال ، ممنوع لشخص تربوي أن يدير مدرسة ، لابد له - بالإضافة إلى المعرفة التربوية - من شهادة ماجستير لإدارة مدرسة . المتعلم –الطالب- : المتعلم عندنا كالوعاء الفارغ يتم شحنه بالمعلومات عن طريق الحفظ. و الدراسات في الحفظ تقول : كل ما يحفظه الإنسان بعد شهر لا يبق منه إن لم يراجع أو يستعمل أكثر من 13 بالمئة 3- أركان التنافس : هذه الأركان تنطبق على التعليم و على كل عملية تنافسية مع الآخر ، فيجب التركيز عليها أكثر. الركن الأول : التدريب البشري : قوتك في البشر ، وقوة المنظومة التعليمية في أطرها و أساتذتها و كل العاملين بها ، فلكي نعرف مدى تميز أي نظام تعليمي نقيس أولا معيار التدريب + الميزانية المخصصة للتدريب . فالميزانية التي يجب تخصيصها للتدريب كحد أدنى هي 3 بالمئة تأخذ من الميزانية العامة .و الحد الأدنى من التدريب كما ذكرنا سابقا هو : 3 دورات تدريبية في السنة ، كل دورة متوسطها 3 أيام ، و اليوم التدريبي يتحدد في 4 ساعات. الركن الثاني : التكنولوجيا (التقنية) : التي تستخدم لتسهيل التعلم ، كالحواسيب ، المسلاط الضوئي ، الأقراص المدمجة ... الركن الثالث : الخدمات المتميزة /الجودة :الاعتناء بالبنيات التحتية ، وللأسف كثير من المباني غير مؤهلة لأن تكون مدارس ، كما يجب توفير السكن الجيد للأساتذة – كيف ستكون نفسية و معنويات الأستاذ و هو بدون سكن ؟ أو الكراء استنزف جيبه ؟ - و الملاعب ، فضاءات للأندية و الأنشطة الأخرى ، الماء ، الكهرباء ، شبكة الارتباط... فمن الخدمات التي يجب تقديمها : - خدمة الأخصائي الاجتماعي و المعدل المقبول ( أخصائي لكل 200 تلميذ أو طالب ) . - خدمة المكتبة داخل المؤسسات التربوية ، واجب توفير مكتبتين في المدرسة ، مكتبة للأساتذة و التلاميذ و المعدل العالمي المقبول الذي لزم توفره في المكتبة 200 كتاب لكل تلميذ /طالب ، مع تخصيص حصة فقط للقراء داخل المكتبة وهذا من بين أسباب العزوف عن القراءة . - توفير الخدمة الصحية في المدارس و تحسينها . - خدمة لدعم و تقوية المتعلمين الضعاف أو المتعثرين بتخصيص أستاذ خاص لهذه الفئة . الركن الرابع: الابداع : الاتيان بجديد ،المدرسة أو المنظومة المتطورة كل سنة تأتي بجديد ، ومن التجارب الرائعة التي ذكرها طارق وطبقت في بعض الدول: أن يُدَرس منهج بناء الشخصية ، إنشاء بنك داخل المدرسة لتعليم التعامل مع البنوك ، تعليمهم منهج سياسي ، تأسيس نادي للخطابة و الالقاء ...
معطيات :
- في إسرائيل ميزانية التدريب هي 7 بالمئة من الميزانية العامة . - في العالم العربي 1 من 10 بالمئة - ميزانية الحد الأدنى للتدريب 3 بالمئة . - في القطاع الحكومي العربي نسبة استعمال الحاسوب 10 بالمئة . - اليابان تنفق 3.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الذي يبلغ 5 تريليونات دولار جزء كبير من هذه الأمول مخصص لرواتب المعلمين ، الذي يعتبر من أعلى الرواتب في البلاد ، ليتفرغ بشكل كامل لمهنته و يقدم أفضل ما لديه ، لتنشئة جيل قادر على مواصلة مسيرة الاختراع و الابتكار.