يشكّل موسم الحج لوحة فسيفسائية تعكس تنوع الحضارة الاسلامية وثقافات شعوبها، اذ يتجمع الملايين من كل حدب وصوب لاداء مناسك الفريضة الا انهم يتباينون في العادات والتقاليد والسلوكيات اليومية. وكما ان للناس في حياتهم مذاهب فلهم في الحج ايضاً مذاهب وتقاليد اذ يشكل المسلمون تكتلات فيما بينهم حسب المناطق التي وفدوا منها. وعادة ما يصل اولاً الى بيت الله الحرام حجاج دول جنوب آسيا، ليكون لهم صدارة الترتيب، وهم ايضاً آخر من يغادرها. ويتلو حجاج جنوب آسيا في ترتيب الواصلين، الأتراك ومن ثم حجاج أفريقيا والإيرانيون فيما يعتبر الحجاج الخليجيون والسعوديون أول الحجاج المغادرين ويتبعهم الحجاج العرب بحسب ما نشرته صحيفة عكاظ السعودية في عددها الصادر الاحد. وفي حين يحرص حجاج إندونيسيا على السكن في حي كدي والمسفلة لقربها من المسجد الحرام، يقطن الخليجيون في سكن حي العزيزية وبطحاء قريش، بينما يتركز سكن حجاج الدول العربية بشارع الستين، الزاهر، والنزهة والمواقع القريبة. ويفضل الحجاج الإيرانيون والأتراك السكن في الأبراج الحديثة في حي اللشة، الروضة، المعابدة والعزيزية. ويحرص الإندونيسيون على أداء الصلاة جماعة في المسجد الحرام ويخرجون من سكنهم قبل الصلاة بساعة ويسيرون على الأرصفة وصولا للمسجد الحرام ومن ثم العودة وهم يحملون أعلاماً يرفعها أحدهم ويكون في المقدمة، بينما يسيرون في جماعات منظمة، كما يداومون على زيارة بعض الأماكن الأثرية مثل غار ثور وجبل النور. ويذبح الحجاج الاندونيسيون هديهم في شهر ذي القعدة ومن ثم التصدق بها ولا يأكلون منها شيئا وهذه الذبائح تعود لأقرباء لهم يوصون بالذبح عنهم في مكةالمكرمة. ويسكن حجاج الدول الأفريقية غير العربية في شارع الستين، المنصور والمسفلة لوجود جالية أفريقية كبيرة في هذه الأحياء حيث يسهل توفر الأطعمة التي يرغبون فيها. ولا يستقل الحجاج الافارقة السيارات في تنقلاتهم، بل يسيرون على أقدامهم لمسافة قد تصل إلى ثمانية كيلومترات يوميا خلال تنقلاتهم من وإلى المسجد الحرام، كما تجدهم يسوقون سلعا جلبوها معهم من بلدانهم في الشوارع المحيطة بسكنهم والتي تتحول إلى أسواق متحركة ابان موسم الحج. ويبحث الحجاج الإيرانيون عن الأبراج الحديثة للسكن بها في العزيزية والروضة والششة، كما يحرصون على استئجار سيارات لنقل أطعمتهم من المطابخ إلى مقرات السكن، عكس الإندونيسيين الذين يكتفون في بعض الأحيان بأكل الفواكه والوجبات الخفيفة والقليل من الارز. ويرتاد الإيرانيون الأسواق بشكل مستمر، وخاصة محال بيع الأقمشة والإلكترونيات، ويحرصون على شراء كاميرات التصوير والهواتف النقالة والسجاد، كما لا تنقطع زياراتهم لمحال الذهب والمجوهرات. ويرغب حجاج الأردن في السكن شمال مكةالمكرمة، وخاصة أحياء الزاهر والأحياء القريبة منها مثل النزهة، فيما يرتكز وجود حجاج الهند وباكستان وأفغانستان في المسفلة والطندباوي والتيسير، وكذلك في العزيزية الجنوبية وما جاورها من الأحياء. ويحرص هؤلاء على أداء الصلوات في المسجد الحرام بشكل منتظم مهما بعد سكنهم، وأيضا تسلق الجبال في مكةالمكرمة وخاصة جبل النور وجبل غار ثور وهم قليلو التسوق. أما الأبراج الحديثة المحيطة بالمسجد الحرام فإنها مخصصة لسكن فئة الأثرياء من الحجاج وخاصة من دولة بروناي وبعض الدول العربية والخليجية وبعض الدول الأوروبية.