إن العربية لا تشكل أي مشكل للمسلمين المغاربة , و إن دور الإسلام كانت لغة تدبير شؤونها من طرف الخلفاء و الأمراء و الولاة هي العربية ,التي تكلم بها الله في القرآن وحيا ,فالذي يرى للعربية شأنها المخصوص لها بالإله لأكيد بحكمته يعلم ضرورة أن تظل لغة سائدة حتى في ديار الأمازيغ لأنها لغة ديننا ونفهم بها مقاصد الوحي و إرادة الله, و ان تظل اللغة الرسمية للبلاد, وهذا و لأن الامازيغية معطى ثقافي و شعبي و تراثي و تاريخي ليس من المناسب إدارة الظهور عنه ولكي لا يكون إجحاف أو أي شكل من أشكال الإقصاء و النفور الثقافي للغات الأمازيغية فإنه من صميم الحكمة في تدبير الشأن العام للبيت المغربي أن يكون هذا المكتسب الثراتي هو اللغة الثانية في المنظومة الإعلامية و العلمية وباقي الفضاءات المدنية, أما اللغة الإدارية فآلة تواصلها يجب أن تعرب وان يثبت على أن تبقى القرارات العمومية السياسية و القانونية تصدر رسميا بالعربية فعملنا من ديننا و اقتصادنا من ديننا و ديننا يتكلم باللغة العربية ,و الأمازيغية تراث لا يجهل و لا ينفى من العقول ولا يغيب يبقى حاضرا كمكون علمي و كمكون ثقافي واجتماعي. و من هذا المنظور و كإجراء عملي يلقي بظلاله على مشروع لغوية الأمازيغية رسميا كلغة يحاور بها المغرب العالم كما تقدم بذلك بعد المتحركين في هذا الصدد اندفاعا فلا أرى هذا يعكس هويتنا الإسلامية و تاريخنا الحضاري كمسلمين و كمغاربة استوطنوا المغرب من امازيغ و عرب قادمون بالرسالة, فخير الحوار بين مكونات المنظومة الدولية يكون بمرجعيتها و مرجعية المغرب إسلامه فهو معنى و هدف حياته, و مرجعيته هاته تستقر بمبادي الدين, لهذا فهذا الحوار و تدبير شأن المغرب و مواقفه الداخلية و نحو نظرائه من الأقطار يكون بهاته المبادئ التي تستسقي لوجودها مستلزماتها من الرسالة , فتنعكس في إرادتنا السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الإعلامية, و هذا الحوار يفقد جوهريته إذا صيغ بغير خطاب ديننا العربي هذا نظريا. ولأن الحال قد ابتعد في الشأن العمومي وحتى الخاص عن بعض محتويات الدين و لأن الشأن قد ابتعد عن الحفاظ على الروح الإسلامية بالشكل الكامل و المرغوب في كل فلكاتنا العمومية و حتى الخاصة, ولأن هذا يؤثر على الميول الديني وريثما تكتمل الصحوة و يكتسب المواطن كفاءة التموقع و القدرة على إعمال المبادئ الدينية بشكل يسمح له بالتمييز بدون تعصب للثرات , فلا أرى من الحكمة -وبشكل قطري للإشكال- من مصلحة العباد بالمغرب أن تكون الامازيغية لغة رسمية يحاور بها العالم سياسيا و دبلوماسيا تسري في إداراتنا , لما ؟ لان هذا هو بداية التزحزح عن لغة خطاب الدين فيكاد الدين يرى بعيدا بعدها لأن العربية آلة فهم الدين ,فإذا اعتلي عليها مال العباد و احتاجوا إلى جسر إليه فيشوش هذا على الميول إلى تثبيت مستلزمات الإيمان ,و هذا الميل تغليب التراث اللغوي الامازيغي على الجبرية الإلهية للغة الإسلام دين المغاربة الذين تدينو به لأكثر من 13 قرنا, أقول جبرية إلهية أي لا مناص من التهرب منها, فذلك في صميم هاته المستلزمات التي من بينها العربية كآلة لفهم الخطاب الإلهي معنى الإعمار في المغرب و باقي الأقطار الإسلامية, لهذا من يضرب في هاته الجبرية اللغوية الذي بها نالت شرفها ضرب في إرادة الله, و لا يعني الفطن لسياسة الشؤون كما وليس من بواعث اللبابة في الامور أن الأمازيغية ليست من أرزاق الله في التواصل فلا يجب من هذا الباب أن تهمش كما غبار الحصير , غير أنها ليست لغة لدين خاتم, فلا يجب لمن يفهم مقاصد الإعمار أن تكون بابا لنعرة أو بابا لفض اللحمة الدينية الإسلامية الأخوية, ناهيك عن أنها ليس من شرف السلوك و الإنتهاج أن تكون مقصد لمزايدات سياسية تنال بها الرغائب عبر المغرر بهم أو ضعاف العقول أو المنفعلين ثقافيا أو المتعصبين تراثيا ,و الخاطئ من يقول أن الامازيغية ليست من لغات خلقها الله , هو واجب الحفاظ عليها لكن دون الإنفتال عن هوية الإسلام وآلة فهمه اللغوية, فمرحبا بها في أرجاء الجامعات و مرحبا بها في أرجاء الجمعيات و مرحبا بها في رحاب انساق الإعلام و لا شيء غير هذا لأنه باب للإنفتال. و من هذا المنظور الذي سلف ذكره أرى كخطوة ملموسة لإنصافها, ان تكون لها مادة في المنظومة القانونية تفيد بهذا المنصوص أنها ((هي اللغة الرسمية الثانية للبلاد مسموح التدوال بها في المنظومات التربوية و العلمية و الإعلامية و الإجتماعية و المجتمعاتية المدنية دون ان تكون لها سيادة سياسية و إجرائية قانونية )) وترسيمها يجب أن يكون مصاحبا بمواد قانونية تضمن عدم تسجيل تجاوزات عن سيادة العربية سياسيا و إجرائيا ,و بغية تحقيق هاته الخطوة الحاسمة ثقافيا و حضاريا بالمغرب يجب توحيدها أولا لكي ترسم , و لهذا يجب مجهود علمي كبير قد طفق فيه المعهد الامازيغي لصياغة مكنونها التي توحد منطوقها رسميا و بعد المجهود العلمي يجب إنتاج مجهود إعلامي نخبوي و شعبوي معا للمس كل فئات الأمازيغ من أجل إشاعة هذا التوحيد و الاستفادة من ثماره ثم حينذاك ترسم ولهذا أقترح إنشاء منظومة نخبوية علمية تعمل على توحيد منطوقها و حروفها الاصطلاحية كآلة ذات درجة ثانية للخطاب الرسمي دون ترجيحها سياسيا و إجرائيا و الإعداد إلى خطط علمية لإذاعتها إعلاميا تحضيرا للتدوال بها في ما سبق من الأنساق وهاته الهيئة النخبوية يزيد من فعاليتها و كفاية بلوغ مرامها تناغمها مع مكونات المعهد الملكي الامازيغي و كل المتدخلين القادرين على إغناء إنجاح هذه الخطوة التي تحافظ للمغرب على اصالته . وإلى هذا الأجل إن ترسيمها لا يزال مجبورا بهذين المجهودين العلمي و الإعلامي ثم التقبل الثقافي الذي يحتاح إلى وقت, فمتى توفرا أرى ترسيمها بدرجة ثانية من مستلزمات امتصاص احتقان الامازيغ الثقافي بسبب تغيبها في العقود السابقة و هو التئام لمكونات الشعب المغربي و من صميم القبول بإختلاف مشاربه الثقافية وسد أبواب ذرائع التعصب و المغرب في غنى عنها لإكمال مسيراته الإصلاحية.