أفلح المكتب الشريف للفوسفاط في شراء مئات الهكتارات من سكان دواوير الجبورات الكرمة زاوية حرمة الله الشرادي بثمن بخس لا يتجاوز اثنا عشر ألفا وخمسمئة درهم للهكتار الواحد بسبب حجب مسؤوليه الدافع وراء الخطوة المتمثل في إقامة وحدة غسيل الفوسفاط وأحواض استقبال الطمي المحمل بفضلاته، وإخبارهم إياهم بأن الأرض المزمع شراؤها ستبقى رهن إشارتهم لاستغلالها زراعيا ورعويا إلى أجل غير مسمى. لكن بمجرد ما ظهر المشروع على أرض الواقع صار مسؤولو المكتب الشريف للفوسفاط يهددون الرعاة بحجز مواشيهم إن هم دخلوا الأراضي المجاورة للوحدة المسيجة ، وتقديم من ضبط بها إلى مفوضية الشرطة من أجل إجباره على توقيع التزام وتعهد بعدم العودة مرة ثانية. وأمام حاجة المكتب الشريف للفوسفاط إلى مزيد من الأراضي عرض مجددا بعد ظهور المشروع على سكان دوار الجبورات الكرمة شراء بعض مما تبقى من أراضيهم، لكنهم رفضوا العرض بشدة، فما كان من إدارته إلا طرق أبواب القضاء من خلال رفع دعوى قضائية بالمحكمة الإدارية بمراكش، طلبت من خلالها الحكم بنزع الملكية على هذه الأراضي من أجل المنفعة العامة، وهو ما استجابت له المحكمة ابتدائيا واستئنافيا، بيد أن ما أثار الاستياء والاستغراب في صفوف الساكنة هو تفاوت الأثمنة المحكوم بها بما يساوي خمسة أضعاف لأراض مجاورة لبعضها البعض، وكانت عبارة عن قطعة واحدة قبل أن يقتسمها الورثة، ففي الوقت الذي حددت فيه المحكمة ثمن بعضها في ثلاثين ألف درهم للهكتار الواحد)ثلاثة ملايين سنتيم(، حددت ثمن أخرى في مئة وخمسين ألف درهم للهكتار الواحد )خمسة عشر مليون سنتيم(!!!. المنزوعة أرضيهم يصرون جميعهم على التمسك بالأرض، وقد اعترضوا أكثر من مرة سبيل المكلفين بتحديد مساحتها، مبررين سلوكهم هذا بأن القليل المتبقى من أرضهم هو مصدر رزقهم الوحيد، يستغلونه شتاء في الزراعة وصيفا في رعي الماشية. وأثناء اتصالنا بهم تساءلوا مستغربين عن مبرر البقاء بالقرية بعد الحرمان من الزراعة والرعي، وتحول القرية إلى مجرد تجمع سكاني محاصر بأحواض الفوسفاط، وبالجدار العازل الذي انطلقت أشغال تشييده لتحصين ممتلكات المكتب الشريف للفوسفاط وأضاف ذات المتحدثين أنهم يستحضرون المصلحة العليا للوطن، لكن شريطة أن تستحضر إدارة المكتب الشريف للفوسفاط مصلحتهم كمواطنين لهم الحق في العيش الكريم، مقترحين تعويضا يضمن لهم إمكانية اقتناء أراض زراعية ودور سكنية في ظل الارتفاع الصاروخي للعقار بمدينة اليوسفية.