بينما كنت منهمكا في كتابة مقال بعنوان "ضد من تريد السلفية الجهادية الجهاد؟؟" فإذا بالخبر الحزين تتلاقطه جميع القنوات و المواقع الإلكترونية، أحسست برعشة كبيرة تنسابني ، وبشرايين قلبي وهي تضيق علي ،كيف لا و هذه مدينتي مدينة مراكش التي إستهدفها هذا العمل الإرهابي الجبان ، و أين ؟ في ساحة جامع الفنا و من لا يعرف ساحة جامع الفنا ، و داخل واحد من أشهر المطاعم و المقاهي ذي النظرة البانورامية على كامل الساحة ، استمرت القصاصات و الروايات تتهاطل و أنا تائه ألهث وراء الخبر الصحيح ، ثم جائت البيانات الرسمية لتؤكد أن العمل إرهابي... من و ماذا و لماذا و كيف و هل و كل الأسئلة و الفرضيات الممكنة و الخيالية جابت فكري دون إجابات حتى كاد رأسي يتشقق ، أمرت نفسي بأن تعود إلى رشدها حتى أسترجع لياقتي الفكرية لكي أفهم ما حصل ،إنتبهت أنني كنت أكتب موضوعا في نفس السياق، فتسائلت عما دفعني لذلك،و لماذا حصل هذا الحادث في هذه الظرفية الزمنية بالذات في خضم المناخ الإقليمي المتوتر السائد و الحراك السياسي الإجتماعي الإصلاحي الذي يشهده بلدنا هذه الأيام ؟ إرتميت على ما كنت أكتب قبل أن يحدث ما حدث، فتذكرت ما دعاني إلى كتابة المقال الأول ، نعم إنها كل تلك الأحداث المتسارعة التي عرفها بلدنا في الأيام الأخيرة و خصوصا المسلسل الشيق : الشابة غزلان و بوشتة الشارف الذي تابعه كثير من المغاربة على صفحات اليوتيب و ما تلاه من حلقات "ستوديو السلفيين" الذين أصبح سجنهم مدينة للإنتاج الإعلامي المغلق بإمتياز و كشفهم لحقائق الإنتهاكات في منتجع غوانتاتمارة أو هكذا وصفوه في رسائلهم لنا ، المكان الذي يعترف فيه المرء بما فعل و بما لم يفعل و هو جالس مرتاح فوق قنينة صودا ،ثم جاء العفو الملكي على بعض منظريهم الذين راجعوا أنفسهم من معتقلي الأفكار و القناعات، فتعالت الأصوات على إعادة النظر في قانون الإرهاب و التحقيق الشفاف في وقائع 16 مايو 2003 و ما تلاها من محاكمات و إنتهاكات و تلفيقات محتملة و قرر البعض التصعيد من خلال دعوات إلى إقتحام المعتقل المذكور أعلاه، أما على صفحات الفايسبوك فقد حصلت إنزالات سلفية جهادية على مواقع حركة 20 فبراير تدعو إلى الإسراع في الثورة و الكفاح المسلح من أجل الإنتقام ممن عذبوا رفقاؤهم،و أضف إلى ذلك الحملات المناهضة لمهرجان موازين و التهديدات التي أصدرتها بعض الحركات الشبابية لإفشال هذا المهرجان. أنا هنا لست بصدد إتهام أحد أو الدفاع عن آخر ، بل سأحاول أن أفكر بصوت عال من خلال قلمي و سأضع السؤال الذي حير جميع المغاربة : من قام بهذا العمل الاجرامي؟ ولماذا الآن بالضبط؟ هناك الكثيرون من المفكرين المتسرعين من إتجه بدون أي دراية أو قرائة متأنية للأحداث إلى اتهام "المخزن" و المخابرات المغربية و بطبيعة الحال الثلاثي المُطَالَب برؤوسه من طرف حركة 20 فبراير : الهمة و الماجيدي و العنيكري،هؤلاء الناس إستخلصوا قناعاتهم السريعة ،التي تبدو لهم أنها شديدة الذكاء ، بتطبيق مبدأ متقادم و حجري في السياسة ألا و هو : إذا أردت أن تعرف الجاني فابحث عن المستفيد ، لكن تناسوا أن العصر الحديث ليس عصر 'الضاما و الروندا ' و إنما عصر شطرنجي سياسي عميق و غامض وقد تصدق فيه القاعدة التالية : إذا أردت أن تعرف الجاني فابحث عن المستفيد من تورط المستفيد الفطري و المباشر من الجناية، ولكن أريد أن أؤكد أنني مؤمن بأن كل متهم فهو بريئ إلى أن تثبت إدانته. و هذه لائحة من أشتبه بهم : جيوب مقاومة التغيير من رموز الفساد السياسي و الأمني جهات متطرفة في حركة 20 فبراير لبث الفتنة و البلبلة. المخابرات الجزائرية : خصوصا أن الحدث جاء مباشرة بعد إصدار أن إنقلابا إستخباراتيا مغربيا قد بدأ و أحداث أخرى أحدتثها عبر عملائها من مرتزقة البوليساريو في الداخل. تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي و من معهم من سلفيي الجهادية بالداخل معارضي مهرجان موازين لإرغام الدولة على إلغائه لدواعي أمنية
المهم أن الشعب المغربي يريد كشف الحقيقة كاملة و عقاب الجناة كيفما كانوا ، لأن من دبر هذا الحدث استهدف المغاربة أجمعين و استهدف وحدتهم و استقرارهم و أمنهم. اللهم اجعل هذا البلد آمنا "عشرين وللَّا تسعطاش، و لكن بلادنا ما تقاش"