تلقت سلطات مدريد بكثير من الجدية التهديدات التي أطلقها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بأنه سيفتح الجهاد لتحرير المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية. وتأتي هذه المستجدات كرد فعل لتنظيم القاعدة على التدخل الذي تقوم به عدد من دول حلف شمال الأطلسي في عدد من بلدان العالم خاصة أفغانستان ومالي حيث تدخلت قوات هذه البلدان ومنها إسبانيا. وينضاف إلى هذه المستجدات ما عرفته كل من لندن وباريس من أحداث حيث قُتل بلندن جندي بريطاني على يد متطرفين، وهو ما خلف موجة من الدعم في عدد من بلدان الحلف الأطلسي التي شملها التهديد. وكرد فعل وقائي ضد هذه التهديدات الجدية أعطت قيادة الجيش الإسباني الأوامر لوحداتها في كل من سبتة ومليلية برفع درجات اليقظة والتأهب استعداداً لاحتمالات مشابهة لتلك التي وقعت في لندن. من جهة أخرى تبدي السلطات الإسبانية تخوفات كبيرة من موجات التطرف الديني التي بدأت تجتاح المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية على وجه الخصوص. وقد أشارت وسائل إعلامية إلى أن عدداً كبيراً من هؤلاء الشباب بالمدينتين المحتلتين أصبح معتنقا لهذه الأفكار وكثير منهم أضحوامستعدين للذهاب للجهاد في مناطق متفرقة التي تشهد توترا خاصة في الشرق الأوسط وبالضبط في سوريا. وقد ذكرت هذه الوسائل أن خمسة شباب من حي ولي العهد بمدينة سبتة المحتلة غادروا المدينة في اتجاه سوريا مرورا بمدينة الدارالبيضاء بعد أن التقطتهم شبكات الاستقطاب من مدن شمال المغرب. وبعد أن تشبعوا بالدعاية الجهادية التي تجري في تجمعات تعبوية بالمدينة المحتلة تتابعها الاستخبارات العسكرية الاسبانية بكثير من القلق. وتأتى هذا القلق أولا من التخوف الأمني من هذه الظاهرة وثانيا وهذا هو الأهم أن بعض هؤلاء ممن التحقوا بالجهاد في سوريا كانوا ممن مروا بالخدمة العسكرية في صفوف الجيش الاسباني مع ما يمثله ذلك من مخاطر. بعد عودتهم وكذلك مع ما يمثله ذلك من مخاطر على وضعية المجندين خاصة وأن الكثير من المجندين. الحاليين طلبوا وبدون أسباب مقنعة إلى ثكناتهم مغادرة صفوف الجندية، وهذا ما اعتبرته الأجهزة العسكرية استعدادا لتلبية نداء الجهاد في سوريا وغيرها من بؤر التوتر. ونفت وسائل الاعلام الاسبانية بعض الادعاءات القائلة أن هؤلاء الشباب التحقوا بالجهاد بسبب الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يمرون بها هؤلاء وانعدام الشغل معللة ذلك يكون هؤلاء المجندين كانت لهم وضعية اجتماعية مستقرة. ومن الأمور التي تنضاف إلى هذه الوضعية أيضا ان بعض المستقطبين هم أيضا من تجار المخدرات سابقا ومن أصحاب السوابق العدلية. هذه الوضعية تعيد إلى الواجهة إشكالية التطرف بالمدينتين المحتلتين، وما تطرح من مشاكل على سلطات الثغرين. وتجدر الإشارة إلى أن موضوع التطرف الديني هو موضوع حساس بالمنطقة خصوصا إذا عرفنا أن السلطات الاسبانية لا تنظر بعين الرضى إلى السلطة الروحية التي يملكها المغرب على المواطنين بالمدينتين المحتلتين والذين ينتمون في غالبيتهم للمذهب المالكي البعيد عن التطرف، الذي بدأ يتسرب إلى الثغرين سواء من الخارج أو من جماعات نشطة بمناطق مختلفة من المغرب تخرج عن الإجماع المالكي السائد في البلاد. غير أن هذا لا ينقص في شيء في تحكم السلطات المغربية: الوضع الأمني. وللإشارة فإن السلطات الاسبانية قد طردت منذ أقل من أسبوعين رئيسا لاحدى الجمعيات الدينية بدعوى التطرف وتبعيته للمخابرات المغربية.