شكلت الخلافات التي تعصف بالائتلاف الحكومي على خلفية قرار حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة وتداعياته على تدبير الشأن العام بالبلد في ظل ظرفية اقتصادية دقيقة الموضوع الأبرز الذي تناولته افتتاحيات الصحف الأسبوعية. وهكذا٬ كتبت أسبوعية (لوروبورتير) أن قرار حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة أفضى إلى اندلاع أزمة داخل الأغلبية الحكومية لم تلبث أن ازدادت حدتها خلال هذا الأسبوع٬ لافتة إلى أن الأمين العام لحزب الاستقلال لم يكف عن إثارة الجدل من خلال مطالبه التي أخذت منحى تصاعديا بدأ بالتعديل الحكومي ثم صار إلى المطالبة بإشراف حزبه على قطاعات وزارية بعينها (لاسيما المالية والتجهيز) إلى أن وصل إلى حكومة وحدة وطنية لا يشارك فيها حزب التقدم والاشتراكية. وأضافت أن الأحزاب الرئيسية الأخرى دخلت بدورها إلى دائرة الضوء حيث توالت التصريحات من طرف قيادات حزبية قدمت اقتراحات وحلولا للخروج من الأزمة (من قبيل حزب التجمع الوطني للأحرار)٬ فيما فضل آخرون الاصطفاف في أقطاب (من قبيل حزب الاتحاد الاشتراكي الذي قرر الاندماج مع الحزب العمال والحزب الاشتراكي). واعتبر كاتب الافتتاحية أنه بعيدا عن أجواء الإثارة السياسية٬ فإن السؤال الذي يطرحه غالبية المغاربة٬ لمن كان يريد أن يسمع٬ هو "ما الذي يقترحه هؤلاء وأولئك بالضبط¿"٬ موضحة أن السياسيين يعطون الانطباع اليوم بأنهم يتصارعون على السلطة إلى الحد الذي نسوا معه القواعد التي تمكن من الوصول إلى السلطة وتلك التي تسمح بالمحافظة عليها٬ وهي القواعد التي تتلخص في القدرة على التدبير الفعال للشأن العام. وعلى المنوال ذاته٬ كتبت أسبوعية (فينانس نيوز إيبدو) أن الأزمة السياسية التي يمر منها المغرب تهدد بأن ترهن الاقتصاد بدوره٬ مسجلة أن النتائج المباشرة لهذا الخلاف السياسي تتمثل في التأخير٬ الذي لا يمكن تفاديه في ظل هذه الظروف٬ الذي سيطال الإصلاحات المرتقبة. واستطردت الجريدة٬ في افتتاحيتها٬ أن هذه الإصلاحات الكبرى٬ لا سيما تلك التي تهم أنظمة التقاعد وصندوق المقاصة٬ تظل اصلاحات مستعجلة ومنتظرة من قبل الملاحظين الوطنيين والدوليين٬ وذلك بالنظر إلى التأثير "الكارثي" لهذه القطاعات على توازن المالية العمومية٬ مشددة على أن الوضعية الاقتصادية الراهنة تستوجب رص الصفوف من جانب الحكومة من أجل تقديم الإجابات الشافية للمواطنين بشأن أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. ويرى كاتب الافتتاحية أن وضع الجمود السياسي السائد حاليا يضع الاستثمارات الوطنية والدولية في وضع مماثل٬ وذلك في انتظار أن تتضح الرؤية في القابل من الأيام٬ معربا عن تخوفه من أن تودي الخلافات المستعرة بين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية بالاقتصاد المغربي٬ الذي بات يعرج الآن٬ إلى أن يصاب بíœ"الشلل التام". وفي السياق ذاته٬ كتبت أسبوعية (لانوفيل تريبين) أنه في سنة 2013 التي شهدت استقرار الأزمة "المستوردة" في مفاصل المشهد الاقتصادي والمالي للمغرب٬ يبدو أن الطبقة السياسية لا تعير٬ للأسف٬ اهتماما لكل ذلك٬ ولا سيما بعض الأحزاب التي تمارس المسؤولية داخل الحكومة٬ لافتة إلى أنه في هذه الظرفية٬ شديدة الحساسية٬ اختار حميد شباط٬ الأمين العام لحزب الاستقلال٬ أن يذهب في اتجاه الاشتباك مع حزب العدالة والتنمية الذي يقود حكومة لم ترق هندستها للنائب-العمدة عن مدينة فاس. وأضافت الأسبوعية أن الطبقة السياسية اختارت دخول معارك بأهداف مشكوك فيها وفي غير محلها٬ مشيرة إلى الهجومات التي شنها حزب الاستقلال على الحكومة٬ وذلك فيما يؤكد عبد الإله بن كيران٬ رئيس الحكومة٬ أنه لن يستسلم للضغط الذي يمارسه حميد شباط٬ الأمين العام لحزب الميزان. وخلص كاتب الافتتاحية إلى أن هذا "المناخ السوريالي" الذي يخيم على الأجواء في الظروف الراهنة يعكس بجلاء "مؤهلات ومعارف مسؤولينا المناضلين"٬ لا سيما في ما يتعلق بتدبير قضايا الساعة الطارئة٬ مبرزا أنهم لا يقيسون بشكل جيد٬ على ما يبدو٬ التكلفة التي سيؤديها البلد من ماليته العمومية ومن الوقت والطاقة الضائعين في هذه الظرفية الاقتصادية والمالية والاجتماعية الدقيقة. وتحت عنوان "هل فقد شباط عقله¿" كتبت أسبوعية (لوكانار ليبيري) أن "الحرب بين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية لن تتوقف قريبا على ما يبدو"٬ مضيفة أنه أمام هذا المشهد السياسي الذي بلغ فيه العبث حدودا فاقت التوقعات٬ فإن "المواطنين الذين لا يقيمون أصلا أي اعتبار للطبقة السياسية جراء الإحباطات المتتالية٬ يجدون أنفسهم اليوم في موقف رفض كلي يتحول شيئا فشيئا إلى إحساس بالقرف". وأضافت الأسبوعية أن "الرأي العام٬ الذي تمتزج لديه مشاعر الفرجة بالذهول٬ يتابع عرضا رديئا يتبادل فيه الطرفان مختلف الضربات كما لو أنهما عدوان لدودان٬ مع قدر غير مسبوق من العنف لم يعرف المشهد السياسي من قبل"٬ مشيرة إلى أن "ابن كيران وإخوانه يعتقدون أن حميد شباط٬ المفترض فيه أن يدعم العمل الحكومي٬ ليس سوى +دمية+ تحركها جهات -دون تسميتها- تريد جر العدالة والتنمية إلى حروب هامشية من أجل صرفها عن القضايا الحقيقية للبلاد وعرقلة المشاريع الإصلاحية". وحسب الصحيفة ف"إننا لم نعد نعرف على ماذا يلوم شباط رئيس الحكومة لأن كل واحدة من خرجاته تحمل انتقادات جديدة٬ فتارة يمتعض من تهميش باقي مكونات الحكومة٬ وتارة يطالب بتعديل حكومي يمنح لحزبه الحقائب الوزارية التي يستحق٬ وأحيانا ينبه إلى أن الحكومة تقود البلاد نحو الكارثة٬ وأحيانا يفاجئ الجميع من خلال المطالبة بحكومة وحدة وطنية"٬ مضيفة أنه "في غمرة انفعالاته٬ هاجم نبيل بنعبد الله٬ مؤكدا أنه لن يبقى في حكومة يشارك فيها حزب التقدم والاشتراكيةº بل حتى وزراء حزبه لم يسلموا من هجوماته". من جهتها٬ كتبت أسبوعية (لوتون) أن "الاقتصاد المغربي يجتاز أزمة لا يمكن الخروج منها إلا من خلال اتخاذ قرارات واضحة وجريئة"٬ موضحة أنه "بسبب قتامة الوضع فليس أمام الطبقة السياسية من خيار سوى الكف عن حروبها الصغيرة والانكباب على تفعيل الدستور الجديد٬ لأن ذلك من شأنه مواكبة والاستجابة لتطلعات وهموم المواطنين". وحسب الأسبوعية فإن "الحل الوحيد هو تشكيل حكومة وحدة وطنية مسنودة بتوافق حزبي"٬ مؤكدة أنه "بوصفنا مغاربة أولا٬ فإننا مدعوون إلى إعادة تأهيل المؤسسات الدستورية٬ بما فيها رئاسة الحكومة٬ من خلال العمل جميعا على تشكيل حكومة وحدة وطنية أو ائتلاف قادر على اتخاذ قرارات جريئة وناجعة من أجل وضع حد للأزمة الاقتصادية والاجتماعية". وبعد أن ذكر كاتب الافتتاحية ب"الزيارة المرتقبة لخبراء صندوق النقد الدولي إلى المغرب٬ الشهر القادم٬ والتي قد تسفر عن خسارة المغرب للعديد من النقاط بخصوص ثقة المستثمرين إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة للحد من آثار الأزمة"٬ شدد على أنه "حان الوقت لتشكيل حكومة تجمع مختلف الأطراف وتتجاوز الحسابات السياسية الضيقة وترتكز على معايير الاستحقاق". وفي السياق ذاته٬ كتبت أسبوعية (شالانج) أن "الخلافات داخل صفوف الأغلبية وتهديد حزب الاستقلال بمغادرة الحكومة يضفيان مزيدا من الغموض على الوضع"º خصوصا وأن هناك التزامات أمام البنك الدولي لم يتم الوفاء بها"º موضحة أن الأمر يتعلق "بإصلاحين رئيسين ومستعجلين٬ الأول مرتبط بنظام المقاصة والثاني بأنظمة التقاعد التي توجد اليوم في حالة احتضار.. مما يعمق قلق الفاعلين٬ الذين يراقبون كيف يتم عرقلة عمل الحكومة وتأخير جميع الإصلاحات". ويرى كاتب الافتتاحية أن هذا الأمر غير مقبول بتاتا٬ لأن ذلك من شأنه تعميق الأزمة ودفع المقاولات صوب سيناريوهات مظلمة"٬ مؤكدا أن الفاعلين٬ كيفما كانت جنسياتهم٬ بحاجة إلى وضوح الرؤية بالنسبة للاستثمار". من جهتها٬ أوضحت أسبوعية (لافي إيكو) أن السياسيين المغاربة لا يلقون بالا إلى تصرفاتهم وتصريحاتهم وأفعالهم٬ ولا يدركون حجم الخسائر التي يمكن أن تترتب عنها"٬ معتبرا أن "ما يحدث حاليا بين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية ليس موجها فقط صوب الاستهلاك المحلي". وأوضحت الأسبوعية أن "مستثمرين أجانب كبار يطرحون أسئلة بخصوص ما يحدث حاليا في صفوف الأغلبية ويتساءلون حول المستقبل السياسي في بلادنا"º منبها أنه "إذا ما استمرت أحزابنا السياسية٬ وخصوصا الموجودة في صفوف الأغلبية في هذه المسرحية والسيرك السياسي٬ فإن البلاد بأكملها ستعاني".