سبقت خرجات 20 فبراير مجموعة من التوجسات المُختلقة والمتعمدة وخٌلق لها سياق غير سياقها الحقيقي لتجعل من الشعب يتردد في الانضمام إليها ومساندتها وينظر إليها نظرة ريبة وشك,بل وينتقذها ويصف كل من يدعو إليها بكونه يريد السوء باستقرار البلد وبأهله.مرت الخرجات بسلمية مثالية وعبر المحتجون عن مدى تشبتهم بالملكية ونبذهم الكبير للعنف,ورفعوا مطالب مشروعة تصب في مصلحة الشعب لا ضده,وتعبر بصدق عن وطنيتهم مفندين بذلك ما سبق وأن حيك ضدهم. سقطت التوجسات وزادت شعبية شباب 20 فبراير وأصبحوا طرفا هاما في اللعبة السياسية,ومما زاد في شعبيتهم ومشروعيتهم الخطاب الملكي ل 9 مارس الذي أبان عن قرب الملك من شعبه وأكد أحقية الشعب المغربي في المطالبة بحقوقه الكاملة والمشروعة في محاربة المفسدين وتطبيق القانون ووضع خارطة الطريق لبلد ديموقراطي لكل المغاربة وليس لحفنة منهم بعيدا عن الشعارات والمساومات. أُعطي الترخيص الشعبي لسفينة 20 فبراير للإبحار في محيطات الاصلاح رغم عتو أمواج مناهضي التغيير من ذوي المصالح ومرتزقي الفساد وركبها الجميع ومن مختلف المشارب السياسية والاديولوجية وحتى الاجتماعية.مرت السفينة بمجموعة من الموانئ أو المحطات كمحطة 20 مارس و 27 من نفس الشهر وعاشر أبريل,وكلما حطت بميناء ركبها آخرون فأصبح شبه إجماع حتى لا نبالغ في كونه إجماعا وطنيا على امتطاء سفينة الاصلاح,فلم تعد أمواج أعداء التغيير تؤثرفيها أو حتى ظلمات الفساد تغير من وجهتها. وباختلاف مكونات مجتمع السفينة وبتزامن مع انطلاق أجرأة الاصلاحات اختلفت المواقف والأفكار حول هذا الدستور المزمع تعديله وحول أعضائه الاستشاريين,وهذا شيء مطلوب وصحي,لأنه قد نتفق وقد لا نتفق نقود أفكار أو تقودنا الأفكار لكون لكل منا اتجاهاته ودوافعه ولكن توحدنا وجهة واحدة وهي الديموقراطية الشعبية وما يطلبه المجتمع المغربي المبحر على فلك النجاة. لكن ما يبطء تقدم السفينة بل ويعمل على إغراقها ليس فقط أعداء التغيير ومرتزقة الفساد وإنما أولئك الذين أتى عليهم حين من الدهر لم يكونوا شيئا مذكورا,وكسبوا شعبيتهم باتخادهم مطالب الشعب وسفينة إصلاحهم مطية لمآرب أخرى, أولئك الذين يغردون خارج سرب عموم الشعب المغربي عندما يصرحون بكون الاصلاح يتعارض مع فصل الدين عن الدولة وكون الديموقراطية تتعارض مع استعمال الدين في السياسة وأولئك الذين يطالبون بعلمانية إمارة المسلمين, و وجوب ضمان الحق في التدين للشيعة واليهود والبهائيون..وحتى اللا دينيون. وأولئك الذين يعملون على إحياء النعرات القبلية بقول الباطل في حق الأمازيغية وبإلصاق اللائكية بتقاليدها. أمثال هؤلاء هم الذين يعملون بلا شك على تبخيس الحركة وإضعافها فهم لا يمثلون إلا أنفسهم, والشعب بريء منهم ويرفض بأن يلزموه بما يتنافى مع معتقداته من تشريعات وقيم روحية و إقصاء للدين من حياته اليومية, فالشعب المغربي أمة أعزها الله بالاسلام فإن ابتغت في غير الاسلام دينا ومنهاجا أذلها الله. كما أنه يرفض التفرقة لأنه شعب منصهر فيما بينه وهوبمثابة الجسد الواحد إذا اشتكى أحد أعضائه تداعى له باقي الأعضاء بالسهر و الحمى. فإذا كان أصحاب المصالح و ائمة الفساد يريدون إبطاء تقدم سفينة الاصلاح لما يتعارض ومصالحهم فإن أصحاب الفتن يريدون إغراقها ونسفها حسدا من عند أنفسهم. أما اليوم فلدى الشعب المغربي وحركته الاصلاحية الفرصة للحصول سلميا وبكل حب على ما حصل عليه الآخرون بالدماء لكن قبل ذلك وجب تنظيم الصفوف وتطهير الحركة من المرتزقين وأصحاب الفتن وطردهم خارجها, حتى إذا ما طالبوا بما تهوى أنفسهم تبقى بعيدة عن الشعب والمتاجرة بإسمه.