تحت هذا العنوان و في الوقت الذي تستعد فيه المانيا كواحدة من كل دول الغرب بتلوين البيض كنوع من احتفالات الكنيسة الغربية بعيد القيامة المجيد و أعياد شم النسيم . إلاّ أن التلفزيون الالماني بمختلف قنواته نقل لنا واقعة الخميس الماضي إستخدم فيها البيض لغرض غير ذلك عندما إعترض شخص الماني من أصل روماني موكب السيد كريستيان وولف ( Herren. Christian Wulff ) و بصحبته فولكير بوفير ( Herren.Volkar Bouffier ) رئيس الحكومة أثناء زيارتهما لمدينة إسين (Essen ) شمال غرب المانيا و قام برميهم بالبيض . و على الرغم ان المشهد تم في اقل من نصف دقيقة و بعدها تمت السيطرة على الموقف تماما من خلال رجال الحراسات الخاصة و تم التحفظ على هذا الرجل في مقر البلدية الذي كان يقصده وولف و بوفير بالزيارة لأول مرة منذ توليه منصبه منذ عدة شهور كرئيس للاتحاد الالماني .إلاّ أن من خلال هذا الوقت الضيق استطاع هذا الرجل أن ينال من كل من كريستيان و فولكير و كذلك طاقم الحراسة الذين سارعوا فور القاء البيض بعمل ساتر ليمنع عن الرئيس وصول البيض . لم يتأكد للصحف الالمانية عن دوافع هذا الرجل للقيام بمثل هذا العمل لكن ما توارد ذكره بين المقربين من الناس الذين قالوا أنه عاطل عن العمل منذ وقت طويل و لم توفر له الحكومة فرصة عمل مناسبة علما ان متوسط راتب البطالة في المانيا تصل من 700 الى 1000 يورو اي بما يعادل 7000 آلاف جنيه مصري بصفة شهرية . و مقارنة بالبطالة في مصر أتوجه بسؤالي الى السيد وزير الزراعة و كل القائمين على إنتاج الدواجن في مصر , هل لدينا من البيض ما يكفي للتعبير عن مأساتنا و ما آل اليه حال البطالة في مصر ؟ فإن كان التعبير في الدول المتقدمة بهذه الطريقة في بلد لم تتتعدى نسبة البطالة فيه 3.5% و إجمالهم لم يتعدى 4 ملايين نسمة من اجمالي عدد سكان يصل لحوالي 84 مليون نسمة و على الرغم انهم يتقاضون مرتبات تعادل أكثر من عشرة اضعاف رواتب الموظفين في مصر . من هنا أظنني أنه و لا بيض النعام يستطيع ان يعبر عن مأساة العاطلين عن العمل في مصر . و الجدير بالذكر أن الصحف لم تنشر إسم من قام بهذه الفعلة لظنهم انه يقوم بهذا العمل من باب الاعلام و الشهرة و خاصة أن هذه هي المرة الثالثة و بنفس الطريقة يقوم بعمل نفس الشيئ . ففي اول مرة كانت في نوفمبر 2002 مع الرئيس الاتحادي يوهانس راو (Herren. Johannes Rau ) و المرة الثانية في اوكتوبر 2007 مع الرئيس السابق هورست كولر ( Herren.Horst Kohler ) . و على غرار ما حدث لموكب الرئيس السابق حسني مبارك في مدينة بور سعيد عندما اقترب من موكبه مواطن فارداه على الفور الحرس الخاص قتيلاً . الفرق أن المانيا بلد تتمتع بالديمقراطية فيها لا يغشى المواطن حرية التعبير عن رأيه خوفا من الذهاب وراء الشمس . فهذه بلاد لا تحجب الشمس جزء منها او ركن فيها . و ليس هناك جهاز يتفنن في رعب المواطنين كجهاز أمن الدولة السابق و إن كنت لا أصور ان ما قام به هذا الشاب هو مثال للديمقراطية . فالديمقراطية مسؤولة و إن كنت من خلالها أمتلك كل الحرية للتعبير عن نفسي أو مجتمعي أو مشكلتي شخصية كانت أم عامة إلاّ أن هذه الحرية تتوقف عندما تبدأ حرية الآخرين و لكوني لم أعرف الدافع الجوهري الذي دفع هذا الشخص للقيام بهذا العمل لذلك لا استطيع ان ادرج تصرفه تحت مسمى " الديمقراطية" أم أنه تصرف أرعن و فوضوي . اذا كان فقط لجذب الكاميرات اليه و بالتاكيد سيكون مسؤلا عن تصرفه بالقانون ، أما ما لا يختلف عليه اثنان ان التحضر كان من قبل كل أجهزة الدولة بقطاعاتها المختلفة و ردود افعالها مع هذا المواطن لانها فقط كانت في حدود القانون و بمنتهى الشفافية من دون تعصب أو عدم حياد و بدون تطبيق أحكام عرفية أو مجلس للصلح ، فالبلد قائمة على سيادة القانون و هكذا تكون الديمقراطية ، و ان هذا الانسان بعد المرة الثالثة يقذف فيها بالبيض ثلاث رؤوساء لاكبر بلد في الاتحاد الاوروربي و لا زال حيّ يرزق . في ظل هذه الحريات التي غابت عن بلادنا من زمن طويل اني لو لم اكن مصريا لتمنيت ان اكون المانيا .