لا يزال النقل عبر "التطبيقات الذكية" يثير الجدل في المغرب بين مهنيي النقل، خاصة سيارات الأجرة وبين سائقي التوصيل الذكي. وكانت شهدت خدمات النقل عبر التطبيقات في السنوات الأخيرة نموا متسارعا في المغرب، حيث أصبحت واحدة من الوسائل التي يعتمدها الكثيرون للتنقل، بالرغم من غياب الإطار القانوني، ما يولد نوعا من التوتر بين ممتهني هذا النقل والسائقين المهنيين، يتطور أحيانا إلى مواجهات واعتداءات جسدية. اندرايف تطبيق عالمي والأكثر تحميلا بالمغرب أعلنت اندرايف، منصة الخدمات الحضرية والتنقل العالمية، أنه وفقاً ل data .ai أصبح تطبيق النقل الذكي الأكثر تحميلاً في العالم خلال 2023 وذلك للعام الثاني ورابع تطبيقات السفر تحميلاً في العالم. وكشفت اندرايف ايضاً أن عدد تحميلات التطبيق وصلت إلى 66.6 مليون خلال عام 2023 وفقاً لبيانات آبل وبلاي ستور، وأصبح inDrive هو التطبيق الأكثر تحميلاً لخدمات نقل الذكي في 13 دولة، منها المغرب، وفي كل من باكستان وكولومبيا ومصر والبيرو، وفقًا لموقع data .ai. ولا تهتم اندرايف بزبنائها فقط، الذين يعبرون عن رضاهم عن مستوى خدماتها، بل تهتم ايضا بتحفيز السائقين، وهو ما يمنحها جاذبية مهمة بالنظر لقطاع النقل التقليدي ببلادنا الذي يعيش اوضاعا يصفها مراقبون بالمزرية (الطاكسي خاصة). فعلاوة على التعويضات المالية التي يحصل عليها السائقون مقابل عملهم، تنظم الشركة مسابقات بهدف تشجيعهم على التفاني في العمل ومواصلة جهدهم (مسابقة الفوز بسيارة، عمرة رمضان.. الخ) والذي ينعكس على تقديم خدمات نقل رفيعة المستوى للمستخدمين مع توفير بيئة عمل إيجابية. وانتقدت فعاليات ومواطنون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عدم إسراع الوزارة الوصية على القطاع في السماح باستخدام التطبيقات الذكية في المغرب، خصوصا أن البلد مقبل على تظاهرات كبرى، وسيكون قبلة لوفود دول أجنبية. في هذا الصدد صرح سمير فرابي، الأمين العام للنقابة الديمقراطية للنقل، بأن "التنقل باستخدام التكنولوجيا أضحى مطلبا للمواطنين المستائين من سيارات الأجرة.. الأمر الذي يتوجب معه الإسراع في تقنين هذا القطاع تفاعلا مع نداءات المغاربة". الفراغ التشريعي سيد الميدان تتزايد دعوات المواطنين والفعاليات المناصرة للنقل عبر التطبيقات من أجل تقنين هذا الشكل الجديد للنقل العمومي، بما يغلق الباب أمام الشكاوى المتواصلة لسائقي سيارات الأجرة الذين لا يزالون يصرون على "عدم قانونية النقل عبر التطبيقات وكونه مهددا للأمن المهني للسائقين المحترفين". ففي وقت يشهد فيه هذا النوع من النقل إقبالا متزايدا، تعتبر مسألة التنظيم والقوانين واحدة من أبرز التحديات التي تواجهه في ظل غياب قانون ينظم عمل هذه الشركات ويحمي حقوق الركاب والسائقين على حد سواء. وكانت الحكومة قد عبرت عن توجهها لتنظيم مجال النقل عبر التطبيقات الذكية. حيت أكدت عبر لسان الناطق الرسمي باسمها مصطفى بايتاس، بأن وزارة النقل بصدد إطلاق دراسة متعقلة بالنقل عبر التطبيقات. وأفاد المسؤول الحكومي، خلال الندوة الأسبوعية التي أعقبت انعقاد المجلس الحكومي يومه الخميس 20 يوليوز 2023، أنه بناء على نتائج هذه الدراسة سيتم تحديد الإطار التنظيمي لهذه الأنماط الجديدة للنقل في المغرب. غير أنه ومنذ ذلك الحين، لم تعلن السلطات المكلفة بالنقل عن أي خطوة جديدة لتقنين هذا المجال. وفي سياق متصل، وأمام هذا الفراغ التشريعي، أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، في جواب كتابي عن سؤال لفريق حزب التقدم والاشتراكية، أن أحكام الظهير الشريف رقم 1.63.260 بشأن النقل عبر الطرق ينص على ضرورة حصول مقدمي خدمات نقل المسافرين على ترخيص مسبق لممارسة هذا النشاط، مشيرا إلى أن "استعمال مركبات خاصة لتقديم خدمات النقل أو تقديم خدمات الوساطة في مجال النقل عبر استخدام التطبيقات الذكية بدون ترخيص يبقى ممارسة غير مشروعة وغير مسموح بها، وتعرض ممارسها للعقوبات المنصوص عليها، لاسيما بموجب مقتضيات الظهير الشريف السالف الذكر والقانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق". هذا، وقال وزير النقل واللوجيستيك، محمد عبد الجليل، إن تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية رهين "بتوافق المتدخلين" في النقل الجماعي على دخول هذا النوع من النقل إلى السوق، وأكد أن "تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية لا يمكننا القيام به إلا إذا كان جميع المتدخلين في النقل الجماعي من سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة والحافلات مستعدين لدخول هذا النوع من النقل إلى السوق". الفوضى تسيطر على "سوق النقل" ببلادنا يتواصل الصراع بين سائقي سيارات الأجرة وسائقي نقل التطبيقات الذكية، وسط اتهامات متبادلة ومطالبات بالتدخل من قبل السلطات. فنقابات سيارات الأجرة تطالب بوقف التسيب وإنقاذ القطاع، بينما تدافع نقابات التطبيقات عن خدماتها، وتؤكد على مساهمتها في خلق فرص عمل، وفي ظل الفوضى التي تسود ميدان النقل، انتقل الصراع من المطالبات إلى تبادل "اللكمات"، فكثيرة هي الاعتداءات والحوادث والمشاجرات التي تابعها المغاربة صوتا وصورة بين الطاكسيات وسائقي اندرايف!.وهكذا تعرض سائق اندرايف لاعتداء، بعدما تجمع حوله مجموعة من سائقي سيارات الاجرة بشكل مخيف وحاصروه، بالرغم من كونهم لا يملكون الصفة الضبطية للقيام بذلك، وبعد تعريصه للإهانة قام احد سائقي سيارات الاجرة بإسقاطه ارضا وانهال عليه باللكمات. وفي وقت اخر، تعرض سائق سيارة أجرة لاعتداء مشابه من طرف سائق سيارة "اندرايف"، بحيث دخل سائق الأجرة مع سائق "اندرايف"، في نقاش حاد حول نقل الزبائن بدون رخصة تخول لاصحاب التطبيقات القيام بذلك، ليتطور الأمر وينهال صاحب السيارة على سائق الطاكسي بوابل من اللكمات على وجهه، وتم على إثر ذلك نقله إلى المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية. هذا، ولم تفلت السيارات العمومية من الاستغلال، إذ أقدم أحد السائقين على نقل مواطنين عبرها مستغلا تطبيق "اندرايف". حيث أوقفت المصالح الأمنية بمدينة طنجة مطلع الاسبوع الجاري، سائقا يعمل لحساب تطبيق النقل "إندرايف"، متلبسا بنقل مسافرين على متن سيارة تحمل شعار الإحصاء. وفي الوقت الذي لا زال المغاربة يعانون مع قطاع النقل العمومي التقليدي، يبدو أنه من الضروري تمكين المملكة من السير على خطى العديد من الدول الرائدة في مجال النقل عبر التطبيقات، وقد أكد عدد من النشطاء، عبر تدويناتهم المختلفة، أن الوتيرة التنموية التي يسير بها المغرب، تستلزم تقنين هذه التطبيقات بشكل عاجل.