بعدما استبشر الفلاحون بمنطقة وزان خيرا بالتساقطات المطرية المبكرة في بداية الموسم الفلاحي الحالي، حيث أحيت الأمل فيهم من جديد ة بعد انتكاسة الموسم الماضي، الذي طبعه الجفاف، فأعدوا العدة وشمروا على سواعدهم وتدبروا أحوالهم وحاجياتهم، متحملين عناء تكاليف الحرث والأسمدة والبذور الغالية الثمن، دون أية مساعدة أو دعم من طرف وزارة الفلاحة. التقلبات المناخية كان لها رأي آخر، بعدما كانت مجموعة من الخضروات، التي زرعها الفلاحون في مرحلتها النهائية لتصير طازجة وقابلة للجني والتسويق، لكن الأمطار التي تساقطت بشكل كبير بالمنطقة أغرقتها، مما جعلها تتأثر بالمياه الكثيرة، التي أصبحت تسبح فيها، وجعل الكثير من أنواع هذه الخضروات فاسدة و غير قابلة للجني ولا للبيع، مخلفة خسارة مالية أضرت بالفلاحين، الذين كانوا يعولون عليها من أجل تدبير مصاريف ومتطلبات حياتهم ومعيشهم اليومي. «العام لي تقول غدي تشري البغال كيموتلك الحمار». هكذا يعلق أحد الفلاحين المتضررين على الواقع الذي تعيشه الفلاحة بالمنطقة، حيث يختزل خيبة الأمل في الربح الذي تحول إلى ألم بسبب الخسارة. الجزر و البطاطس والفول وجلبان، واللائحة طويلة من الخضروات التي تشتهر بها منطقة أسجن، التي تعتبر الوجهة المعروفة عند عدد من تجار الجملة بالأسواق الأسبوعية والوطنية، كما تشكل النشاط الأساسي للفلاحين ومصدر دخلهم كل أسبوع، لكن الأمطار الغزيرة التي تساقطت على المنطقة خلال هذه الأيام، ونوعية التربة التي تحتفظ بالماء كثيرا وتمنعه من التسرب بسرعة لينفذ إلى الأعماق الجوفية، حيث تحولت كل الحقول المزروعة إلى ما يشبه بحيرات مائية، تسبح في وسطها تلك الخضر التي أصبحت تتنفس تحت الماء و كأنها تغني لواقع حالها أغنية عبد الحليم حافظ «إني أغرق أغرق». في الوقت الذي كانت فيه هذه الخضر قريبة من النجاة، و فوز المزارعين بغلتها، لكن حظهم العاثر في الميدان الفلاحي، الذي أصبح في رأيهم مجالا ملغوما، جعل أولئك الفلاحين يعودون إلى منازلهم خاويي الوفاض متكبدون خسارة أخرى. الأضرار والخسائر التي خلفتها الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة لم تصيب المزروعات الفلاحية فقط بل ألحقت كذلك أضرارا بالأراضي، التي تعرضت للإنجرافات الكبيرة محدثة بالحقول أخاديد واسعة وخنادق بسبب المياه الجارفة. كما تضررت أراضي الحقول المجاورة للوديان، والخنادق التي امتلأت عن آخرها بمياه الأمطار، التي فاضت على جنبات الحقول المزروعة، مما أدى إلى انجراف التربة بشكل كبير وجعل مساحات تلك الحقول تتآكل وتتقلص. قوة السيول بالخنادق والوديان لم تجرف تربة الحقول فقط، بل تسببت في غرق وموت بعض سكان منطقة وزان الذين أصبحوا محاصرين بسبب غزارة الأمطار التي تساقطت، وهو ما أدى إلى غرق أحد المواطنين الذي كان يرعى ماشيته بمصمودة بعدما جرفته مياه الواد الذي كان يحاول اجتيازه، وهو ما تطلب من الوقاية المدنية لمدينة وزان يومان من البحث عنه ليجدونه جثة عالقة بأحد المصبات هذا الواد. الوضع الذي أصبحت تعيشه الفلاحة بمنطقة وزان يتطلب أكثر من تدخل من طرف الجهات المسؤولة على القطاع بسبب الخسائر المادية، التي كبدتها هذه الأمطار التي تساقطت على المنطقة بنسبة أكبر على الصعيد الوطني، مما يحثم على مدرية وزارة الفلاحة بالإقليم والسلطة الإقليمية تقييم الوضع من أجل إنقاذ الموسم الفلاحي و تعويض الفلاحين لخسارتهم، التي ترتبت عنها قلة إنتاج الزيتون لهذه السنة، الذي يمثل الركيزة الأساسية للمنتوج الزراعي بإقليم، امعروف بالفلاحة معيشيية بامتياز.