جزع بدا ليلة السبت، نوبة هستيريا لمن لم يفهم المصاب، خرج الناس تترا ليتقبلوا الأمر، الأرض مالت بأهلها و بمن عليها فأرعبت الكثير ليهرع نحو الفضاء يرغب في إجابة، إنه الزلزال. من رقعة التململ، تخرج الخطابات و الاستفسارات، وعلى مواقع التواصل تطرح الإجابات و الارتسامات، لا شاردة تتأخر مع صفحات الأعضاء، وكأنهن صحب سليمان، وضعت التوقيعات، إنه من أكادير، بل مراكش، بل الرباط و بنسليمان....البحث عن بؤرة الزلزال. يخرج الناس إلى العراء، تتضح معالم الصورة رويدا رويدا، يهمس البعض و يضحك البعض، لا حديث عن ما وقع سوى أنه زلزال، وكأن الأرض تلهو و تعبث إن ماجت و هاجت، تسابق الجزيرة و صاحباتها للتغطية، و تنام الأولى و أختها في سبات البرامج المنسية، وحدها الجالسة في طنجة لملمت مذيعيها و تعجلت المتابعة، إنه زلزال جلل. ينجلي الليل، و تصعد الشمس من وراء جبال رمت أثقالها على قرى فدكتها دكا دكا، تظهر الحقيقة، ويبدأ العداد، موتى بالمئات ثم الآلاف، مراكش و نواحيها، تارودانت و قراها، أزيلال و أغادير.....فاجعة لم تحدث من قبل، سبعة في الميزان، وفي السبع سر كما يقولون. يخرج الاعلام الرسمي، وتخرج الحكومة لتتواصل، يرسل الخارج برقيات التضامن، دول تريد المساهمة و المساعدة، تنتظر القبول، أربع فقط هن من سمح لهن المغرب بالولوج، تحول القبول إلى معركة إعلامية، منطق السيادة، لغز الحسابات....معارك وهمية رماها الزلزال لتقتات منها منابر و مواقع. في الداخل، هِبة الهبّة، تضامن منقطع النظير، تكالب الناس على العطاء، حتى بات البعض ممن حملته أقدامه تطوعا للمشاركة و صعود الجبال، يشتكي كثرة الطعام و ضعف التنسيق، فمواقع النكبة قرى صعبة المنال بعيدة عن المدن، وعرة المسالك... ماذا بعد العاطفة، هذا سؤال يطرح على الحكومة، فحين تواتر الأيام و تسلل الغفلة إلى العقول، قد تخف جذوة التضامن و الاهتمام، ويذهب كل متضامن إلى حال سبيله، حينها سيظل كثيرون تحت الخيام، وهي الحل المؤقت، ينتظرون منازل و مدارس ينبغي بناؤها و تشييدها، خاصة والناس على مشارف الشتاء و البرد...فكيف ستدبر الجهات الرسمية و المكونات المدنية الأمر؟