على اٍثر حادثة سير التي راح ضحيتها 24 مواطن نواحي منطقة دمنات التابعة لاقليمأزيلال الذي يقع وسط المغرب ، يبقى الاستنباط الاول هو أن سياسة المغرب تبقى غير منصفة بين الجهات ، حيث أن اٍقليم أزيلال يعتبر من أفقر الاقاليم في المغرب ، وهنا بالدليل والحجة فجميع الطرقات التي تربط بين الجماعات والدواوير بالجهة ، ورغم أنها تمرعبر مناطق جبلية تتخللها منعطفات ومنعرجات خطيرة ، فهي تعاني من نقص على مستوى السلامة الطرقية بشكل كبير، كعلامات التشوير والحواجز الأمنية اللازمة ، علاوة على هشاشة الطرقات وضيقها ، وعلى ذكر الحواجز فحتى الممرات المائية الاصطناعية لا تتوفر على الحواجز الامنية ، وهو الامر الذي يجعل كثير من السيارات والدراجات النارية تسقط بسهولة في الوديان ، أو في المنعرجات والتي بحكم الطبيعة الجبلية يستحيل على المصابين أن يخرجوا منها سالمين . علاوة على الاطفال الذين يموتون في هذه الاودية في كل سنة عندما يلجؤون الى الاستجمام بالسباحة، وذالك لقلة البدائل في مرافق الترفيه والتسلية . منطقة أزيلال بها مدينة واحدة تسمى - أزيلال - والباقي عبارة عن تجمعات سكنية يمكن تصنيفها في مصف الجماعات القروية ، أو التجمعات السكنية ،أو المدن الناشئة . الاقتصاد الذي يعول عليه في هذا الاقليم هو الفلاحة وتربية المواشي والماعز والابقار ، ويبقى الزيت والزيتون هو الرصيد المعيشي الاول الذي ينعش الاقتصاد المحلي ، وفي حالة الجفاف تنهار القوة الشرائية لسكان هذه المنطقة بشكل رهيب . عادة المناطق الجبلية الوعرة تحضى برعاية الدولة لأن المداخيل لا ترقى الى المستوى الذي يخول للساكنة مسايرة متطلبات الحياة العامة ، وعلى ذكر الحياة العامة فالاباء في هذه المنطقة يجاهدون ويكافحون ويضحون بالرخيص والغالي لتسجيل أبنائهم في المدارس رغم قلة المداخيل، ورغم قلة النقل المدرسي والعمومي ، لكنهم في الاخير يستسلمون للأمر الواقع حيث يضطرون الى توقيف أبنائهم عن الدراسة بمجرد الحصول على الشهادة الابتدائية ، وذالك بسبب الاعداديات التي تكون بعيدة عن مقر السكن ، وهذا هو السبب الحقيقي الذي يدفع الاباء الى تزويج بناتهن في سن مبكرة ، ونظرا لقلة الوعي وتفشي الفقر ، يزوجون بناتهن بدون عقود وبدون تفكير في العواقب ، و قليل منهن من ينجحن في تكوين أسرة ، لأن غالبيتهن تعود بعد حين الى منزل الوالدين . نرجع الى مشكلة الجهة والتي تفوض الدولة أمرها الى الجهات المنتخبة ، وهنا لابد من تنوير الجميع أن بعض رؤساء الجماعات يعرقلون التنمية من خلال تسطير مشاريع وهمية فوق الاوراق وليس فوق أرض الواقع ، وهنا بالدليل والحجة نسجل فساد بعض رؤساء الجماعات ثبث في حقهم اختلاس أموال الجماعة ، لكن لم يمسسهم ضرر ولا مسائلة . والغريب في الامر أن هذا الاشكال يتكرر عقب كل انتخاب ، وأمام مرئى السلطات المحلية . منطقة أزيلال ونواحيها تحتاج الى حواجز الأمان في الطرقات والى مراجعة شاملة للشبكة الطرقية لتمكين السكان من الوصول الى الاسواق الاسبوعية بحكم أنها المكان الوحيد لاقنتاء حاجياتهم ومؤنهم ، وتحتاج الجماعات أيضا الى مراقبة مستمرة ضد كل من يقف في مسار التنمية ، كترصيف الطرقات واٍنارتها ، وتوفير الصرف الصحي ، و الكهرباء والماء الصالح للشرب ، ومسابح للاطفال ونوادي للفتيات ، وملاعب للشباب ، ودور الثقافة ، ودور الولادة ، ودور الاساعافات الاولية ، لأن المنطقة تعج بالافاعي والعقارب . سكان هذه المنطقة ، ناس يتمتعون بطيبوبة متميزة ، أوفياء لأرضهم ووطنهم ، حيث فئة كبيرة من شبابهم ينخرطون في الجيش ، وهناك منهم من يرابط في الخطوط الامامية للجيش المتواجد في الصحراء المغربية ، وعلى ذكر الصحراء المغربية والتي استرجعها المغرب من الاستعمار الاسباني سنة 1975 ، فالتنمية التي عرفتها الجهات الجنوبية تضاهي كبريات المدن المغربية في كل شيئ ، ولا يمكن بأي حال من الاحوال التفكير في مقاربة تنموية بينها وبين جهة أزيلال . يتسائل كثير من المغاربة عن سر تقدم جهات كثيرة في المغرب ، وعن تخلف جهات أخرى ، لكن هنا لابد من الاشارة أن جميع المدن التي تلامس البحر تعرف تقدما ملحوضا مقارنة مع المدن الداخلية نسبيا ، وهذه القاعدة تعتبر ظاهرة اقتصادية عالمية وهو ما يسمى بالتباين الاقتصادي في علم الاقتصاد ، لكن منطقة أزيلال ونواحيها تبقى بعيدة كل البعد عن ما وصلت اليه جهات أخرى في المغرب ، ومن هنا يتفق الجميع على تسمية هذه المنطقة بالمغرب العميق ، أو المغرب المنسي . أتمنى أن تتحرك الجهات المسؤولة بجدية كبيرة لتقديم ما يمكن تقديمه للمناطق الجبلية ، حتى يتم تدارك ما ضاع لعقود عدة . من خلال برامج تنموية بشكل مباشر وبدون تفويضات والاعتماد على التدبيرالمحكم عوض التقدير المرغم .