بينما المغرب منهمك في شق طريق الخير والنماء، حيث يعمل جاهدا وبكل ما أوتي من إمكانات رغم محدوديتها على محاولة النهوض بأوضاع البلاد والعباد، في ظل السياسة الرشيدة لعاهله المفدى محمد السادس، الذي منذ اعتلائه العرش لم ينفك يكرس جهوده في اتجاه تغيير وجه المغرب نحو الأفضل. إذ لا يكف عن إطلاق المبادرات الإنسانية والإشراف على المشاريع التنموية، وتوجيه تعليماته السامية لمدبري الشأن العام بضرورة الانخراط في الإصلاحات الكبرى التي من شأنها خلق التنمية وجلب الاستثمار وتوفير ظروف العيش الكريم للمواطنين والحد من معدلات الفقر والبطالة والفوارق الاجتماعية والمجالية، فضلا عن المناداة بمكافحة الفساد، تفعيل الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة. اختار نظام الكابرانات في قصر المرادية بالجزائر التمادي في شن حرب قذرة متعددة الوجوه والجبهات على المغرب ومصالحه الاقتصادية ومعاكسته في وحدته الترابية، حيث يصر هؤلاء العجزة المعتوهين على مواصلة استفزازاتهم بكل الوسائل الممكنة لاستنزافه ومحاولة تعطيل مساره التنموي والدبلوماسي، بدءا بتلفيق اتهامات باطلة له، قطع العلاقات الدبلوماسية بشكل أحادي، إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية المدنية والعسكرية، وإنهاء اتفاقية تصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر الأنبوب العابر من التراب المغربي. ففي الوقت الذي كان فيه المغاربة مبتهجين بنتائج منتخبهم الوطني لكرة القدم في بطولة كأس إفريقيا للناشئين تحت 17 سنة التي احتضنتها الجزائر في الفترة الممتدة بين 29 أبريل و18 ماي 2023 والمتمثلة في إقصاء نظيره الجزائري يوم الأربعاء 17 ماي 2023 برسم دور ربع النهائي بثلاثية نظيفة بملعب "الشهيد حملاوي" في قسنطينة، حيث نجح أشبال الإطار الوطني سعيد شيبا في ضرب عصفورين بحجر واحد، عندما تأهل إلى دور النصف النهائي لمواجهة المنتخب السنغالي، والتأهل أيضا إلى مونديال الناشئين للمرة الثانية في تاريخه، ولما كانت أنظار العالم مشدودة إلى تلك الخطوة العملاقة التي قطعها المغرب في مجال صناعة السيارات، إبان ترؤس ملك البلاد يوم الإثنين 15 ماي 2023 حفل تقديم نموذج سيارة أول مصنع مغربي، والنموذج الأولي لمركبة تعمل بالهيدروجين قام بتطويرها شاب مغربي، وهما مشروعان مبتكران من شأنهما تعزيز علامة "صنع في المغرب"، وتدعيم مكانة المملكة كمنصة تنافسية لإنتاج السيارات، إلى جانب كونهما مبادرتين صناعتين تنسجمان مع التعليمات الملكية السامية الرامية إلى توجيه القطاع الخاص نحو الاستثمار المنتج، خاصة في القطاعات المتطورة المستقبلية، والتشجيع على ظهور جيل جديد من المقاولات. كما أنهما يكرسان الرؤية الملكية المستنيرة، على مستوى التنمية المستدامة وتعزيز الطاقات المتجددة، لاسيما في قطاع الهيدروجين الأخضر الواعد، أبى النظام العسكري الجزائري الفاسد والحاقد إلا أن يحاول من فرط غبائه وعدائه لكل ما هو مغربي، ضرب معنويات منتخب الناشئين وأعضاء الفريق التقني قبل إجراء المقابلة النهائية ضد منتخب السنيغال في ملعب نلسون مانديلا، من خلال قيام السلطات الجزائرية بتجنيد انفصاليين ومرتزقة البوليساريو لمهاجمة المنتخب المغربي ومناصرة منافسه، وذلك بهدف التغطية على النجاحات المغربية المبهرة ولفت أنظار الشعب الجزائري عن واقعه المتأزم، لما تشكله هذه المنجزات من مرآة تعكس حقيقة ضعف "العصابة" الحاكمة وعدم قدرتها على منافسة المغرب في مساره السياسي والاقتصادي والرياضي... ومما يؤكد بلوغ "العصابة" حالة متقدمة من السعار وفقدانها السيطرة عليه، هو أن كبير الكابرانات والحاكم الفعلي في الجزائر "الشقي" شنقريحة، لم يكتف بتلك التصرفات الرعناء تجاه أطفال يافعين ليس لهم من ذنب سوى أنهم يحملون في قلوبهم حب وطنهم المغرب، بل سارع إلى تسخير معاونيه لعرقلة المؤتمر الصحافي لمدرب الأشبال على هامش المباراة النهائية التي انتهت بتتويج المنتخب السنيغالي باللقب، ومطالبته بإفراغ الملعب فورا قصد الإعداد للمقابلة/المهزلة المزمع تنظيمها بين كل من فريق مولودية الجزائر ومنتخب جمهورية الوهم القادم من مخيمات تندوف، وذلك يوم 20 ماي 2023 في ذات الملعب الذي احتضن الدور النهائي في بطولة كأس إفريقيا للناشئين تحت سن 17 سنة ببراقي، قصد الترويج للجمهورية التي لا وجود لها عدا في أذهان الكابرانات. فأي نظام حكم عاقل يقبل بمشاهدة تلك الطوابير الطويلة من المواطنين أمام المتاجر وداخل الأسواق بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية دون أن يهتز ضميره ويرق قلبه، في الوقت الذي يصر فيه على تبديد عائدات الغاز والنفط على قضايا سياسية خاسرة؟ وإلا ما معنى أن يرصد الكابرانات الملايير من الدولارات ومنها مثلا ثلاثة ملايين دولار ليس للتنمية، وإنما لدعم ميليشيات البوليساريو الانفصالية والإرهابية، والتحرش بالأعمال التي يقوم بها المغرب في إفريقيا، خاصة بعد عودته لأحضان الاتحاد الإفريقي، وتدشين حضوره القوي على مختلف الأصعدة، من خلال إحداث وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية "صندوق تمويل أعمال الضغط في إفريقيا جنوب الصحراء" الذي حددت مهامه الأساسية في تمويل إقامة بعض النخب الإفريقية الحاكمة، ودفع تكاليف الرحلات أو المنح الدراسية وغيرها كثير؟ إنه لمن المؤسف أن يتنكر الكابرانات للماضي المشترك وما يجمع بين الشعبين الجزائري والمغربي من عوامل كثيرة على مستوى الأصل العرقي واللغة والدين والتقاليد والعادات، إذ بالرغم من الحدود المغلقة منذ سنة 1994، ما تزال القلوب مفتوحة وتتقاسم هموم الماضي كما تؤرقها مشاكل الحاضر المقلق. وكنا نأمل لو تتوحد الرؤية بين النظامين الجزائري والمغربي ويتم تكريس جهود الجانبين في اتجاه بناء ليس فقط مستقبل البلدين، بل المنطقة المغاربية والعربية ككل.