صعد مارك دو كاكراي فالومنييه، ليصبح أحد أبر زعماء المجموعات العنيفة لليمين المتطرف الفرنسي، التي خططت ونفذت عدداً من الهجمات الوحشية على مهاجرين ونشطاء مناهضة العنصرية، منها واحدة ضد جماهير مغربية عقب المباراة التي جمعت منتخبهم بالمنتخب الفرنسي. من مارك دو كاكراي زعيم اليمين المتطرف الفرنسي؟ يوم 14 ديسمبر الماضي، بينما كان المنتخب المغربي يلعب نصف نهائي مونديال قطر ضد نظيره الفرنسي، خرجت جماهير مغربية بباريس احتفاءاً بالإنجاز غير المسبوق الذي حققه منتخبها، رغم هزيمته بتلك المباراة. يومها وعلى الساعة العاشرة ليلاً خرجت مجموعة مكونة من زهاء أربعين شاباً من أحد حانات باريس، تتراوح أعمارهم بين 17 و36 عاماً، أغلبهم يرتدون ثياباً سوداء وأقنعة وجه، ومسلحون بعصي وسكاكين وعبوات غاز مسيل للدموع، توجهوا في جماعة نحو شارع الشانزيليزيه حيث كانت الاحتفالات تدور، ونيتهم الاعتداء على الجماهير المغربية. نجحت السلطات الفرنسية في توقيف المعتدين قبل تنفيذ خطتهم، والذين ينتمون إلى منظمات إجرامية محظورة لليمين المتطرف الفرنسي، من بينها "زواف باريس" و"جيل الهوية" و"مجموعة الاتحاد الدفاع". يتزعمهم شاب يدعى مارك دو كاكراي فالومنييه، الوجه الصاعد للعنف اليميني المتطرف والكراهية في فرنسا. خطة "الذئب الأبيض" حسب محادثات على تليغرام اطلعت عليها صحيفة "ليبيراسيون"، خطّطت المجموعة للاعتداء على الجماهير المغربية تدعو نفسها "مجموعة التدريب". ومن هذه المجموعة التي أنشئت على نظام مراسلات مغلق، المكونة من 49 شخصاً، خرج المخطط الإجرامي. في إحدى الرسائل التي كشفتها الصحيفة الفرنسية أرسلها حساب باسم "الذئب الأبيض"، وعد فيها أنها ستكون "تعبئة عامة للدفاع عن رايتنا ضد جحافل المغاربة"، حيث "سنتجمع على الساعة 8 مساءً في محطة مترو Pont-Cardinet. سيكون كثير منا، لذلك سننتشر في عدة (حانات) حول الساحة". بعدها ستكشف "ليبيراسيون" هو هذا "الذئب الأبيض"، ولم يكن إلا مارك دو كاكراي فالومنييه، الشاب الذي عرف كزعيم لجماعة "زواف باريس" المتطرفة. فيما يقرأ موقع "ميديابارت"، التأثير الكبير الذي أصبح يمتلكه الشاب، بحيث أصبح قادراً على تعبئة زهاء 40 شخصاً لتنفيذ أوامره الإجرامية. ونقل الموقع، على لسان أحد المتتبعين للظاهرة، أنه "عادة، عندما يجري التخطيط لأعمال عنيفة من هذا النوع، فإنها تجمع أفراداً من نفس المدينة، أو حتى من نفس المنطقة (...) في هذه الحالة استجاب لدعوته نحو أربعين رجلاً من مختلف أنحاء فرنسا". ويخلص المتحدث: "من النادر أن نشهد مثل هذه الظاهرة بوقت قصير، ذلك إذ صاغ هالة واسعة داخل الحركة، وأصبح نوعاً من الشخصية الأسطورية التي تعبر كل التيارات والمجموعات المغلقة باسمه وحده". مَن مارك دو كاكراي فالومنييه؟ في المرة الأولى التي وجه فيها الإعلام منظاره إلى اسم مارك دو كاكراي فالومنييه، كانت خلال أول لقاء جماهيري ينظمه المرشح الرئاسي اليميني المتطرف خلال الانتخابات السابقة، إيريك زمور، ذات يوم أحد 5 ديسمبر 2021. لقاء، وقبل أن يبدأ، سادته مخاوف أمنية من اندلاع أعمال عنف بين مناصريه ومعارضيه. وأظهرت مقاطع فيديو مهاجمة أفراد مناصري زمور نشطاء مناهضين للعنصرية لبسوا قمصاناً تحمل شعار "لا للعنصرية". واستعمل في ذلك الاعتداء الرشق بالكراسي، ما سبب جروحاً بليغة للنشطاء، قبل أن تتدخل الشرطة لفض العنف. هؤلاء الأفراد كانوا من مجموعة "زواف باريس"، إذ شوهدوا وهم يلبسون سترات سوداء، ملثمين وجوههم بأوشحة بذات اللون، يصرخون بالشتائم والتعبيرات العنصرية في وجه النشطاء. لكن من ظهر في مقاطع الفيديو متزعماً إياهم في الاعتداء على النشطاء؟ إنه مارك دو كاكراي فالومنييه. ولا يعرف كثير عن الحياة الشخصية لمارك دو كاكراي فالومنييه، غير أنه ذو ال24 عاماً، وينحدر من أسرة أرستوقراطية كاثوليكية تمتد من نبلاء القرون الوسطى. بينما على المستوى السياسي، تدرج بين مجموعات اليمين المتطرف الفرنسي، بما فيها حركة "أكسيون فرانيز" المحظورة، التي انفصل عنها لأنها "ليست راديكالية بما يكفي" في نظره. ولفالمونييه سوابق قضائية في استعمال العنف والتخريب، أشهرها التي أدين فيها بالحبس ستة أشهر لاقتحام وتخريب قوس النصر في أثناء مظاهرت السترات الصفراء سنة 2018. وقبلها جرت إدانته بمشاركته بالهجوم وتخريب حانة يديرها أفراد ينتمون إلى حركة "أنتيفا" المناهضة للفاشية. وثق له اعتداء على مشجع كان يحمل العلم الجزائري في أثناء احتفال بفوز المنتخب الفرنسي بكأس العالم 2018، كما اعتدى على مناضل في "الحزب الجديد المناهض للرأسمالية" اليساري الفرنسي، واعتدى على صحفيين في أثناء مظاهرة لمناهضة العنصرية بباريس. بل وشارك زعيم الجماعة المتطرفة في حرب إقليم قره باغ الذي كانت تحتله أرمينيا، حيث حمل السلاح إلى جانب الاحتلال الأرميني وعبأ في أوساط جماعته أن تلك الحرب "مقدسة لأنها تخاض ضد العدو المسلم". فيما بالنسبة إلى جماعته فهم لا يختلفون عنه في التوجه السياسي، الذي يجهر به دون حرج أنه "فاشي". فمن يلتفون حوله هم يمينيون متطرفون، يحرضون على المواجهة بالعنف ضد المهاجرين والمسلمين، ومنهم من يدافع عن عودة الملكية إلى البلاد، يؤمنون في أغلبهم بنظرية "الاستبدال العظيم" التي يعد إيريك زمور أحد روادها.