مع كل أزمة صامتة، ينادي مناد بأن لا مناص من هتك ستار التبعية، والعودة عن الانقياد، بفصل الارتباط، واستبدال اللغة الفرنسية بأخرى أكثر و أشيع شهرة و انتشارا…بل قال أحدهم ووزير اسبانيا في بلدنا، لما لا تكون لغة الاسبان رديف العربية بدل الفرنسية؟ تختفي سحب الانتقاد، حين تعود العلاقات إلى حيث طبيعتها، فالنفوذ أقوى من أن تغيره أقلام و أفواه و إن كثرت، إلا إذا أخذت العلاقات الثنائية سبيلا آخر، خاصة مع توالي الأزمات…فهل يستطيع المغرب حقا تغيير نظامه التعليمي وفك الارتباط بلغة باريس؟ على الواقع، انخرطت الدولة في تعميم اللغة الفرنسية وجعلها لغة المواد العلمية، كان ذلك بالتدرج سنوات مضت، إلى أن بلغنا اليوم حالة الاستثناء، فلعلها آخر سنة يمتحن فيها أهل الاشهاد و يدرسون العلوم باللغة العربية، فكيف لمن يمني النفس بفك الارتباط، والدولة انخرطت في تعميم اللغة الأجنبية و حشر الضاد في مواد قليلة و بمعاملات أقل مقارنة مع أخرى؟ حتى أولئك الذين ينادون بتغيير اللغة، هل هم جادون في ذلك، أم هي فقط نزوات سياسة، وصراع مواقف، تنتهي و ينتهي مع كل انفراجة، هل لدى بعضهم خطة عملية للضغط و الحث و التجييش، لاستبدال اللغة بلغة أخرى بديلة؟ ولم الخروج من هيمنة إلى هيمنة أخرى؟ ألا يمكن للعربية أن تكون لغة العلوم و الآداب، ألا نملك بدورنا مشروعا حضاريا يجعل من اللغة بشقيها العربي و الأمازيغي، جوهر هذا المشروع و أداة تنزيله وفق برنامج تعليمي تربوي، يحافظ على صلابة المواد العلمية و نجاعتها، كما يحافظ على اللغة و يثريها فلا تكون عائقا، يجر البعض للتهكم فيرونها غير مرحب بها في نادي العلوم؟ نزوات السياسة لا تنقضي، بينما لا تحتاج اللغة و من خلفها النظام التربوي و التعليمي إلى معارك هامشية تراكم الخيبات و تضيع أجيالا و أجيال…خاصة و أننا نشاهد اليوم تيارا يعظم يراهن على الفرنسية كصورة لتحضره و مدنيته، الشاهد في ذلك خبر اعتراض مجموعة من الآباء على زيادة سويعات من الضاد لأبنائهم و خروجهم للقضاء، فهل يملك أهل الضفة الأخرى الجرأة للاحتكام إلى القضاء في الرفع من شأن الضاد و تغليبهم ليكون منطق العلوم.