لازال الغموض والتوتر يطبع العلاقات الدبلوماسية بين الرباطوباريس، وهو ما يحاول حكام الجزائر استغلاله بهدف استمالة موقف ماكرون من قضية الصحراء المغربية، عبر العزف على وتر الغاز، والاغراء بإمدادات مهمة لتجاوز أزمة طاقية وشيكة تهدد فرنسا بشتاء بارد وقارص. وتواجه فرنسا أزمة طاقية خانقة، بعد إقدام روسيا على حرمانها من إيرادات الغاز، بسبب موقفها من الحرب على أوكرانيا، علاوة على تراجع قوتها ونفوذها الدبلوماسي بإفريقيا لصالح قوى صاعدة، أبرزها المغرب، خاصة بمنطقة الساحل والصحراء، الأمر الذي أضطر ماكرون إلى الاستنجاد بكابرانات الجزائر لتوفير الأمن الطاقي للفرنسيين. وفي الوقت الذي لم تصدر فيه فرنسا أي موقف رسمي من قضية الصحراء المغربية، رغم تقارب الرؤى خلال الأسابيع الأخيرة بين باريسوالجزائر، إلا أن محطة التصويت على هذا الملف في مجلس الأمن الدولي المرتقبة نهاية الشهر الجاري، ستكون فيصلا ومحددا أساسيا لمستقبل العلاقات بين باريسوالرباط. الجزائر بدورها تدرك جيدا، مدى حاجة فرنسا لغازها، من أجل تجاوز أزمة طاقية باتت وشيكة، ستضع لا محالة رأس "ماكرون" وحكومته على مقصلة الشارع الفرنسي الغاضب، الأمر الذي تحاول الجارة الشرقية استغلاله بشكل جيد، من أجل انتزاع موقف فرنسا من قضية الصحراء لصالحها، خاصة بعد أن نجح المغرب في سحب اعتراف دول عظمى من قبيل إسبانيا وألمانيا. وفي مقابل ذلك، لا شك أن الدبلوماسية الفرنسية واعية كل الوعي أنها سقطت مكرهة في فخ "الابتزاز" الجزائري، في طريق تدبيرها لأزمتها الطاقية، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن تقامر بمصالحها الكبرى والمشتركة مع المغرب، وتصوت لصالح الجزائر، لأجل ذلك، يرى عدد من العارفين بشؤون هذا الملف، أن فرنسا لن تخرج من دائرة الدول الداعمة للحل السياسي المتوافق بشأنه من قبل الأممالمتحدة، حتى لا تسقط مرة أخرى في فخ التناقض، سواء مع المغرب، أو حتى مع الغرب عموما، بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسبانيا وروسيا والصين.