من القلق إلى الاكتئاب، يعاني الكثير من البشر الذين يعيشون وحدهم من الكثير من أعراض التوتر والقلق والضغوط. لكن دراسة حديثة نشرت مؤخراً أكدت أن الشعور بالوحدة والمشكلات الناجمة عنه تنتشر بين الحيوانات أيضاً. وأكد باحثون أن الأفيال على سبيل المثال يظهر عليها المزيد من علامات التوتر عندما تكون بمفردها أكثر من تلك الحيوانات التي تعيش داخل مجموعة. درس باحثون من جامعة توركو في فنلندا سلوك الأفيال الآسيوية في ميانمار، وقارنوا مستويات هرمونات التوتر في برازهم، لتقييم ما إذا كانت طبيعة الحياة الاجتماعية مرتبطة بالتوتر في الحيوانات أم لا. وكشف تحليلهم أن الشعور بالوحدة يزيد من مستويات التوتر لدى ذكور الأفيال، في حين أن الإناث كانت أقل توتراً عندما تنجب أطفالاً. وأظهرت الأبحاث السابقة أن الكائنات - ومنها البشر - الذين لديهم مجموعات صداقة قوية يتمتعون بمجموعة من الفوائد، بما في ذلك تحسين الصحة وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض وزيادة العمر الافتراضي، بحسب ما نشر موقع صحيفة "ديلي ميل" البريطانية. وتشير بعض الأبحاث إلى أن الوحدة مرتبطة بزيادة مخاطر الإصابة ببعض مشاكل الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق وتدني احترام الذات ومشاكل النوم وزيادة التوتر. وحتى الآن، تناول عدد قليل من الأبحاث كيفية تأثير الوحدة على الأفيال الآسيوية - وهي حيوانات من النوع الاجتماعي النموذجي. وفي الدراسة التي نشرتها الجامعة الفنلندية، بحث الفريق العلمي في تفاصيل حياة 95 فيلًا آسيويًا في ميانمار كانوا يعملون في صناعة الأخشاب. قام الباحثون بتقييم حجم مجموعات عمل الأفيال، وعدد الذكور والإناث في كل مجموعة، وما إذا كان هناك أي أطفال داخل المجموعة، كما قاموا بتقييم تركيزات هرمونات التوتر في براز الأفيال. بالإضافة إلى ذلك، تحدث الباحثون إلى معالجي الأفيال بين عامي 2014 و 2018، والذين تمكنوا من تقديم معلومات عن التفاعلات الاجتماعية لكل حيوان على حدة. وقال الدكتور مارتن سيلتمان الذي قاد الدراسة "إن هذه البيئة البحثية الفريدة تسمح لنا بدراسة العديد من الأفيال التي تعيش في بيئتها الطبيعية، وفي الوقت نفسه تعطينا معلومات مفصلة عن حياتهم الاجتماعية". أضاف الدكتور سيلتمان: "وجدنا أن الأفيال الذكور تظهر مستويات أعلى من التوتر عندما لا يكون لديهم أصدقاء وعندما يكونون في مجموعات اجتماعية بها عدد أكبر من الذكور مقارنة بالإناث". وبحسب نتائج الدراسة، تظهر إناث الأفيال مستويات أقل من التوتر عند وجود الأطفال في المجموعة الاجتماعية. ولا يرتبط حجم المجموعة الاجتماعية بمستويات هرمونات التوتر لدى الذكور أو الإناث. وبينما توقع الباحثون أن تظهر على الإناث المنعزلات علامات الإجهاد، وجدوا أن هذا لم يكن الحال دائمًا، فبالمقارنة بذكور الأفيال، قد تظل الإناث التي تعيش منفردة قادرة على التفاعل مع أفراد آخرين دون تكوين روابط اجتماعية قوية، وفقًا للباحثين، ما يعني أن الافتقار إلى تلك الروابط قد لا يُنظر إليه على أنه أحد مسببات الضغط. وبشكل عام، تسلط النتائج الضوء على أهمية التواصل الاجتماعي في الأنواع الحيوانية المختلفة. ويأمل الفريق في إمكانية استخدام النتائج لتطوير طرق لتحسين رفاهية الحيوانات الاجتماعية الأسيرة في المستقبل. عماد حسن