قال محمد بودن، محلل سياسي ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن رسالة رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيز الموجهة إلى الملك محمد السادس، "تمثل مؤشرا دالا على دخول العلاقات بين البلدين في مرحلة إيجابية هادفة، يمكنها أن تشكل نقطة تحول استراتيجية في إطار دينامية مكثفة بالعوامل المشجعة". وزاد بودن، في تصريح له خصّ به موقع "أخبارنا"، أن "تعبير إسبانيا بوضوح عن قناعاتها بخصوص قيمة مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية سنة 2007 كحل منطقي ومرجعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ومركزية الوحدة الترابية للبلدين، (التعبير) يمثل التزاما جديدا لإسبانيا مع المغرب كشريك استراتيجي أساسي في شمال إفريقيا". المحلل السياسي نفسه أوضح أن "الموقف الإسباني رغم أنه غير مألوف؛ إلا أنه خيار واقعي ومتكيف مع حقائق الأمور وجوهر مصلحة إسبانيا وشعبها"، مشددا على أن "الموقف الجديد للجارة الشمالية اتسم بالوضوح المثمر، وابتعد عن التحفظ والرمادية بخصوص ملف الصحراء المغربية والمصالح العليا للبلدين، وجاء منسجما مع قرارات مجلس الأمن وأسسها المعيارية خاصة القرار 2602". "ثمة إعادة ضبط للعلاقات بين البلدين على أسس دقيقة ومحددات صريحة كما حددها الملك محمد السادس في خطاب 20 غشت 2021، التي تتجلى في الثقة والشفافية والاحترام المتبادل والوفاء بالالتزامات"، يردف رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية. وتابع بودن بالقول: "لا شك أن المفاوضات بين البلدين رسخت لدى إسبانيا خلاصة واضحة بشأن الإيمان العميق للمملكة المغربية بأن حقوقها السيادية مسألة محسومة، بالإضافة إلى أن وحدتها الترابية لا ينبغي أن يعتبرها أي بلد كعقبة للتعاون معه". كما أضاف المحلل السياسي ذاته أنه "ثمة إدراك إسباني صريح لمكانة المملكة المغربية في الفضاء الإقليمي وما تمثله قضية الصحراء المغربية بالنسبة إلى المغاربة، ومدى الترابط الوثيق بين مصالح البلدين جيو-استراتيجيا واقتصاديا وأمنيا". رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية أبرز أنه "لم يكن بإمكان إسبانيا أن تتجاهل فرص المستقبل المشترك بين البلدين بحكم طبيعة العلاقات الثنائية المغربية-الإسبانية كواحدة من أهم العلاقات بين بلد أوروبي وبلد إفريقي". "أعتقد أن المستجد الإيجابي في العلاقات بين البلدين سيرفع التوقعات بخصوص جدول الأعمال المشترك بعد استئناف تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين"، يواصل بودن تصريحه ثم يضيف: "أتصور أن العلاقات بين المملكة المغربية ومملكة إسبانيا يمكن أن تمثل نموذجا لعلاقات المدى الطويل بين بلدين وازنين؛ وهذا أساس متين لجعلها محصنة أكثر، لأن القضايا ذات الأهمية بين البلدين متعددة". ولفت المحلل السياسي عينه إلى أن "الموقف الإسباني بخصوص مبادرة الحكم الذاتي يأتي كذلك في ظل الدينامية الدولية التي تؤكد مصداقية ووجاهة المبادرة المغربية، وفي ظل الاتجاه الدولي المتزايد لدعم سيادة المغرب على صحرائه بالطرق الدبلوماسية والعملية والاقتصادية". كما تابع رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية أن "إسبانيا اتخذت القرار الصحيح الذي ينبغي اتخاذه، ملبية تطلعات المملكة المغربية وانتظاراتها. وعلى الجهة المقابلة، فالموقف الإسباني له تأثيرات كبيرة على خصوم الوحدة الترابية للمغرب". هذا وخلص بودن، في ختام تصريحه، إلى أن "الموقف الإسباني الجديد يمثل تطورا لافتا في واقع العلاقات الثنائية ونصرا للدبلوماسية المغربية، ناهيك عن كونه تأكيدا على مهارتها في إدارة العلاقات مع القوى الدولية والإقليمية، وحرصها على تحقيق أهدافها بالتوازن المطلوب بين القناعات الجوهرية والمصالح الاستراتيجية في ظل بيئة دولية متشابكة".