أعلنت شركة إن إس أو الإسرائيلية رفعها دعوى قضائية ضد صحيفة كانت نشرت تقارير تفيد باستخدام برنامج التجسس المثير للجدل "بيغاسوس" في مراقبة عشرات المسؤولين البارزين في الدولة العبرية. وأثارت تقارير الصحيفة الإسرائيلية الاقتصادية "كالكاليست" غضباً داخلياً دفع الحكومة لتقديم وعود بالتحقيق. وقال الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ "إن صح ما ورد في تقارير الصحيفة حول تصرفات الشرطة، فإن المؤسسات الديموقراطية في البلاد معرضة للخطر". وكانت الشرطة ووزارة العدل الإسرائيلية قد أعلنتا أن تحقيقاتهما الداخلية التي جاءت بعد نشر تقارير "كالكاليست" في وقت سابق هذا الشهر تثبت عدم صحة ما أوردته الصحيفة. وقبل أن يتم العام الماضي الكشف عن استخدامه برنامج "بيغاسوس" للتجسس على هواتف صحافيين ومعارضين ونشطاء حول العالم، كانت الديون تراكمت على الشركة التي تتخذ من ضاحية هرتسيليا قرب تل أبيب الساحلية، مقراً لها. وتأثرت إن إس أو سلبا بهذه "الفضيحة" وخصوصاً بعد أن أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية حظرها. واطلعت وكالة فرانس برس على مئات الوثائق الخاصة بنزاع قضائي أطرافه هم الشركة الإسرائيلية والدائنون ومجموعة "بيركلي ريسيرتش غروب" أو "بي آر جي" التي تملك غالبية أسهم الشركة الأم ل إن إس أو. وبحسب الوثائق، يحث الدائنون شركة إن إس أو على مواصلة بيع برنامج بيغاسوس إلى دول "عالية المخاطر" لديها سجلات في مجال انتهاكات حقوق الإنسان، وذلك من أجل الحفاظ على العائدات المالية. لكن "بي آر جي" طالبت بوقف المبيعات المشبوهة دون إجراء مراجعات داخلية كافية، متذرعة ب "الحاجة الأكيدة ل إن إس أو لمعالجة القضايا الأساسية التي تسببت بإدراجها في القائمة السوداء" للولايات المتحدة. وطفت التوترات على السطح في تل أبيب عندما أظهرت دعوى قضية في محكمة في تل أبيب، سعي بي آر جي إلى تحويل ثلاث شركات فرعية تابعة ل إن إس أو لتكون مستقلة بحجة أن تلك الشركات معرّضة للتأثر سلباً بفضيحة بيغاسوس. وبين تلك الشركات واحدة مصنعة لمعدات مضادة للطائرات المسيرة. وتكشف الوثائق عن معركة أوسع تتعلق بمستقبل الشركة وتداعيات ذلك على صناعة أدوات المراقبة الإلكترونية العالمية. في هذا السياق تقول نائبة مدير منظمة العفو الدولية "أمنستي" لشؤون التكنولوجيا دانا إنغلتون لفرانس برس "إن إس أو شركة رائدة، وتمثل حالياً عينة للدراسة". وتضيف أن ما يحدث مع الشركة قد ينبئ ب "تحوّل جذري في تنظيم هذه الصناعة". وبمجرد تحميله على هاتف جوال، يتيح "بيغاسوس" التجسّس على مستخدم الهاتف من خلال الاطّلاع على الرسائل والبيانات والصور وجهات الاتصال، كما يتيح تفعيل الميكروفون والكاميرا عن بُعد. ورغم عدم كشفها عن هوية زبائنها، تقول الشركة إن برنامجها يساعد قوات الأمن في العديد من البلدان على كبح الجرائم والتصدي للاعتداءات. لكن تقارير كشفت عن استخدام بيغاسوس من جانب دول لها تاريخ حافل في قمع المعارضة ومعايير ديموقراطية محدودة. ومن بين وثائق المحكمة التي اطلعت عليها فرانس برس، رسالة يتهم فيها محامو دائني إن إس أو، بي آر جي "بمنع الشركة من قبول أي عملاء جدد". ووفقا لمصدر مطلع على الملف، فإن بي آر جي أرادت أن "تغلق الشركة أو تعلّق بعض أنشطتها مع الزبائن". ومنذ الكشف عن فضائح التجسس في تموز/ يوليو الماضي، حظرت الولاياتالمتحدة إن إس أو على اعتبار أن البرنامج مكّن الحكومات الأجنبية من "استهداف الناس بشكل ضار". ومن ضمن الإجراءات التي نفذت ضد إن إس أو أيضاً، تخفيض مؤسسة "موديز" العالمية تصنيفها للشركة بسبب انخفاض الإيرادات.وأبدت المؤسسة تخوفها من "المزيد من تعثر المبيعات في ضوء الإجراءات المتخذة ضد إن إس أو". ورفعت شركة "آبل" مؤخراً وسبقتها شركة "واتساب" دعاوى قضائية ضد الشركة الإسرائيلية لاستهدافها مستخدمي الشركتين. وأكدت إن إس أو منذ بداية نشر المعلومات حول استخدام برنامجها التجسسي الالكتروني أن مبيعاتها الخارجية مرخصة من وزارة الدفاع الإسرائيلية وأنها لا تتحكم في كيفية استخدام عملائها لبيغاسوس. أما وزارة الدفاع فأكدت أنها تراجع الموافقات على التصدير. وتسببت الديون بضغوط إضافية على الشركة للحفاظ على الإيرادات.