في أعقاب الندوة الصحفية التي عقدتها الأغلبية أمس الثلاثاء بمقر حزب "الأحرار" بالرباط، والتي جاءت تزامنا مع حالة الغليان الشديد الذي يعيشه الشارع المغربي، بسبب موجة ارتفاع الأسعار، أكد المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أنه وقف خلال اجتماعه ليوم أمس عند الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الدقيقة التي تشهدها بلادنا، بارتباط مع ارتفاع الأسعار، وخاصة منها أسعار المحروقات والمواد الغذائية، ومع حالة الجفاف وانعكاساته الوخيمة وتأثيراته السلبية على الحياة اليومية لعموم المواطنات والمواطنين. وأكد رفاق "بنعبد الله" في بلاغ ل"الكتاب" أنه: "إذا كانت هذه الأوضاع مرتبطة بأسباب موضوعية تعود إلى انعكاسات الجائحة على الصعيد العالمي، وإلى ظروف مناخية استثنائية، فإن ذلك لا يعفي الحكومة من تَحَمُّلَ مسؤوليتها في إيجاد الحلول الممكنة والضرورية، واتخاذ تدابير ناجعة للتخفيف من معاناة المواطنات والمواطنين وحماية مصادر دخلهم وقدرتهم الشرائية ومستواهم المعيشي، وذلك في سياق المبادرة المَلكية المقدامة المُوجَّهة إلى المجال القروي والقطاع الفلاحي". في ذات السياق، ثَمَّنَ المكتبُ السياسي "الإشراف المَلَكِي السامي على بلورة البرنامج الاستثنائي الحكومي المُوَجَّه لدعم القطاع الفلاحي والمجال القروي" المُتأثريْنِ سلباً بالجفاف، وذلك بكلفة مالية قدرها عشرة ملايير درهماً، حيث أكد على ضرورة أنْ تحرص الحكومةُ والسلطاتُ على البلورة الجيدة لهذا البرنامج، من خلال إعمال مقاربةٍ شفافة وعادلة في توزيع الدعم، والتركيز، أساساً وبالأولوية، على الفئات المُستضعفة والفلاحين الصغار، وعلى المجالات الأكثر تضرراً، وتفادي كل تلاعُبٍ أو تحريف لمقاصد هذا البرنامج. كما تطرق المكتبُ السياسي ل"الكتاب" إلى أزمة الخصاص المائي الذي تمر من بلادنا، وإلى ما يمكن أن تعرفه من تفاقمٍ في المستقبل بارتباط مع انعكاسات التغيرات المناخية، حيث جَدَّدَ التأكيد على أنَّ قضية الماء تكتسي طابعاً استراتيجيا وحيويا ولا تحتمل مزيدًا من التأخير في المعالجة، مشيرا إلى أنها قضية تستدعي، بالإضافة إلى الإجراءات الاستعجالية الضرورية، الاستثمار في قرارات ومشاريع هيكلية، لأجل ضمان الأمن المائي الوطني، بِمَا يُؤَمِّنُ بلادَنا ضد كُلِّ الظروف المناخية الاستثنائية والطارئة. أما فيما يتعلق ب"غلاء المعيشة"، فقد أكد "البلاغ" أن المكتبُ السياسي تناول مسألة الارتفاع المُطَّرِد لكُلْفَةِ المعيشة، بسبب غلاء الأسعار، وفي مقدمتها أثمنة المحروقات ذات الانعكاس المباشر على مُعظم أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات الأساسية، وفي ذات الصدد، اعتبر الحزب أنَّ هناك ضرورةً مُلِحَّة لكي تتخذ الحكومةُ إجراءاتٍ إضافية ناجعة تشمل كُلَّ المجالات والقطاعات والمواد والخدمات التي يَطالُها الغلاءُ الصارخ، مشيرا إلى أنه من الضروري والمستعجل التَّوَجُّهُ، بجرأة وشجاعة، إلى قطاع المحروقات، من أجل وقف الارتفاع الصاروخي للأسعار، واتخاذ ما يلزم من قراراتٍ للحد من هوامش الربح المضاعفة والخيالية التي تُراكِمُها الشركاتُ المشتغلة في هذا القطاع دون أيِّ اعتبارٍ للقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين ولا للاحتقان الاجتماعي الذي يُمكن أن يُفضي إليه ذلك. وشدد رفاق "بنعبد الله" أنه من أجل تفادي تفاقم الأوضاع بسبب غلاء الأسعار، يتعين التدخل الفعال، عبر كافة الأدوات المُتاحة، ومنها الأداة الجمركية والضريبية، سواء من خلال إرساء مساهمة تضامنية مرحلية للفئات الميسورة، أو من خلال إجراءات جبائية تُؤَثِّرُ إيجابا في اتجاه انخفاض الأسعار. ومن أجل تفعيل كل هذه المقترحات، دعا المكتب السياسي ل"الكتاب" إلى ضرورة اعتماد خطة تنموية تبعث الروح في الاقتصاد الوطني وتوفر جوا سياسيا مناسبا، مشيرا إلى أن الظرفية المقلقة التي تجتازها بلادنا تستلزم، اليوم، اعتمادَ الحكومة مقاربةً قوامها الاجتهاد والإبداع والجرأة السياسية، تنبني على خطة مستعجلة وناجعة ودقيقة للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي. إنَّ هذه الخطة تستدعي توفير الموارد المالية الضرورية لتمويل المجهود التنموي، ومعالجة العجز المتفاقم الناتج عن الفرضيات المُتجاوَزة التي انبنى عليها القانون المالي الحالي، وعن التأثيرات السلبية المستمرة للجائحة، وعن المجهود المالي الخاص والاستثنائي الواجب بذله لمواجهة تداعيات الجفاف. كما أكد "البلاغ" أن نجاح هذه المقاربة يستدعي، أكثر من أيِّ وقت مضى، باستحضار التعبيرات الاحتجاجية المختلفة، اتخاذَ إجراءاتٍ فعلية لاستعادة الثقة والمصداقية، من خلال توطيد المسار الديمقراطي وتوسيع فضاء الحريات وتقوية دور المؤسسات، حيث طالب حزبُ التقدم والاشتراكية الحكومة بمأسسة الحوار الاجتماعي وجعله مُنتجاً للحلول ومُفضيا لتحسين أوضاع المأجورين، وعدم إخضاعه للتقلبات المرتبطة بالضغوطات الاستثنائية.