قام المغرب مؤخرا باغلاق الحدود البرية والجوية ، وهو الامر الذي خلق مشاكل بالجملة في ميادين مختلفة ، همت الاقتصاد والتجارة والسياحة والصحة والتعليم وأشياء أخرى . هذا الاغلاق جاء كعملية احترازية لئلا يتفشى الوباء بين المواطنين ، لكن هنا وجب التذكير أن المغرب هو البلد الوحيد الذي سارع الى اٍغلاق الحدود ، مع العلم أن هناك دول وصلت بها أرقام المصابين الى عشرات المرات مقارنة مع دولة المغرب لكنها لم تلجأ الى اغلاق الحدود ، بل تركت حرية التنقل البرية والجوية جارية مع شروط مضبوطة ومعقولة .
في ظل هذه المعطيات صرحت شركة – راين ايير الدولية – أن الوضع اذا استمر على هذا الحال فاٍنها سوف تنسحب من المغرب بحجة أن هناك غياب الوضوح في القرارات المغربية بخصوص الاغلاق الجوي ، وبسبب قلة التواصل مع المسؤولين المغاربة والذين لا يعطون أي برنامج ولا فكرة واضحة عن اٍعادة فتح الحدود . لا نريد أن نسلط الضوء على تحديد المسؤوليات في هذا الشأن ، لأن الامور تتداخل فيها وزارة الصحة واللجنة العلمية وأشياء أخرى .
اليوم نحن أمام واقع ملموس بالارقام ، حيث توفر هذه الشركة حوالي 62 الف رحلة من والى المغرب كل سنة ، وهو رقم خيالي يبين قيمة الاسطول الجوي ، وقيمة الحركة السياحية التي يشكلها مغاربة العالم ، والتي هي من أولى الزبناء الاوفياء ، طوال السنة لهذه الشركة ، والتي تحرك عجلة الاقتصاد خاصة القطاع السياحي والذي يحتضر في ظل الاغلاق الجوي 5 ملايين نسمة هو الرقم الاجمالي لمغاربة العالم والتي تخلف مساهمة كبيرة في الاقتصاد المغربي ، علاوة على التحويلات بالعملة الصعبة والتي قاربت حسب البنك الدولي 10 مليار دولار حسب احصائيات 2021. اٍذن الانسحاب المزمع تطبيقه عما قريب من طرف الشركة الارلندية والتي خسرت الكثير في غياب رؤية واضحة وبرنامج زمني لتبني رحلات من والى المغرب ، سوف يأثر بشكل مباشر على مغاربة العالم والذين لم يجدوا من بديل ، خاصة و التخطيط للعطلة الصيفية والزيارات العاءلية وصلة الرحم مع الاهل والاحباب بالمغرب يكون مبرمجا على بعد ، ويحتاج الى وقت ، والى تفكير مسبق ، لان العطلة تحتاج الى رخصة من أرباب العمل ويحتاج الى برنامج واٍجراءات مبكرة . الناطق الرسمي باسم مغاربة العالم وأعني مجلس الجالية والمجرات التي تدور في فلكه بما فيها صناع المحتويات ، تتوارى الى الوراء جميعا في هذه المناسبات ، بما فيها المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك . في االسنة الماضية كثير من مغاربة العالم فضلوا عدم المغامرة بالسفر الى المغرب نظرا لضبابية القرار ، رغم أنه كانت تعليمات عليا من العاهل المغربي محمد السادس للسماح بالدخول الى المغرب دون المرور بجبل طارق حيث ميناء الخزيرات ، وذالك للوضع المضطرب بين المغرب واسبانيا . لا يعقل ان تحرم الجالية من السفر الى بلدها ، ولا يعقل أن تغلق الاجواء رغم تواجد كورونا اللعين ، والدليل هنا أن اللجن العلمية في أروبا تركت السفر مفتوحا بشروط معقولة باعتماد التلقيح مثلا والاختبارات المحينة . مغاربة العالم تعتبر دعامة أساسية في الاقتصاد المغربي ، ولا بأس أن أستعرض عليكم اليوم جميع الايجابيات التي تحمل توقيع مغاربة العالم ، وعلى رأسها العملة الصعبة والتي وصلت قيمتها الى 10 مليار دولار حسب احصائيات سنة 2021 ، وهو ما يشرح التآزر بين مغاربة العالم وذويهم في المغرب في ظل الازمة الاقتصادية التي تتخبط فيها جميع القطاعات تقريبا . النقطة الثانية وهي المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد المغربي حيث تنتعش قطاعات كراء السيارات مثلا ، ثم السياحة والصناعة التقليدية ، وقاعات الافراح وما يجري في فلكها من ممولين للحفلات ، وأجواق شعبية ، ولوازم الحفلات ، وبائعي الخضر واللحوم والنقل العمومي، كما تساهم الجالية في الاقتصاد الغير المهيكل بشكل كبير ، وهناك أيضا الاستثمار في مجال العقارات والاستثمارات بجميع أشكالها بنسبة لابأس بها . أتعجب من المؤسسة المسماة - مجلس الجالية - والتي لا تكلف نفسها ولو تقديم مقترح ، أو رسالة في الموضوع الى الحكومة المغربية كي تعيد النظر في الاغلاق الجوي بصفة أن هذا المجلس هو المسؤول الأول عن مغاربة العالم ، نحن لسنا ضد الامين العام لمجلس الجالية ، لكن نريد أن يغير هذا المجلس من سياسته والتي لا تحسن اٍلا الاستحسان ، وتبتعد عن صفة المرافعة والدفاع والذي هو من واجبها الدستوري . هذا المجلس في الواقع يحتاج الى وجوه واٍلى دماء جديدة ، لها مقومات تنم عن الالمام الشامل والكامل عن حقوق الجالية خاصة التي تربطها بالمغرب .
حاليا يمر المغرب بفترة غير سهلة فيما يخص السياحة والتي أصبحت شبه مشلولة ، والصناعة التقليدية أيضا والتي يعاني أصحابها الأمرين من تداعيات كورونا ، وهناك قطاعات أخرى تعرف تنازلا وهبوطا لا يبشران بالخير .
اللجنة العلمية التي تعمل مع وزارة الصحة ووزارة السياحة يجب عليها اٍعادة النظر في سياسة الاغلاق ، والدليل هنا أن العالم كله يعرف كورونا بنسب متباينة ، لكنها تركت الحدود مفتوحة بشروط معقولة ومضبوطة ، وذالك جريا لضمان حرية التنقل باعتمادات محكمة . سعيا منها لضمان لقمة العيش للمواطنين . لان الحياة تتطلب مصاريف يومية قبل الاحترازات وقبل المناعة الجماعية .