توافد عدد كبير من القضاة من مختلف أنحاء المملكة على مدينة خنيفرة مساء يوم الجمعة 18 يناير 2013 للمشاركة في الزيارة التضامنية المنظمة من طرف نادي قضاة المغرب لقضاة المحكمة الإبتدائية بخنيفرة على إثر الأحداث الأخيرة التي عرفتها المحكمة الإبتدائية يوم الجمعة 04 يناير 2013 والمتمثلة في الوقفة التي قام بها بعض من محامي الدائرة أمام مكتب السيد قاضي التحقيق لدى نفس المحكمة مباشرة بعد إصداره قرارا بإيداع رئيس جمعية خيرية –مهنته محامي- بالسجن المحلي على إثر شكاية باختلاس أموال الجمعية، وما تم ترديده خلال هاته الوقفة من عبارات السب والشتم والوعيد والتهديد في حق القضاة ونعتهم بالفساد ووصف قرار قاضي التحقيق بأنه "غير عادل" وأنه يعتبر " إعلانا عن فتح معركة بين المحامين والقضاة" . الزيارة التضامنية التي نفذها مئات القضاة بدعوة من جمعيتهم الأكثر تمثيلا لنادي قضاة المغرب، حضرها مسؤولون قضائيون وقيادات بارزة من المكتب التنفيذي والمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب ورؤساء للمكاتب الجهوية ومستشارون وقضاة من مختلف أنحاء المملكة، وقد أكد رئيس نادي قضاة المغرب الأستاذ ياسين مخلي في كلمته بالمناسبة، أن هذه الزيارة التضامنية تأتي انسجاما مع الأهداف التي شكلت منطلقا لتأسيس نادي قضاة المغرب، وعلى رأسها تعزيز التضامن والتآزر بين القضاة للدفاع عن كرامة القضاء واستقلال السلطة القضائية. وأضاف رئيس نادي قضاة المغرب في كلمته: "إننا نقول بصوت مرتفع لا لمحاولات التأثير على القضاة من أي جهة كانت، سواء أكانت صادرة عن مجموعات الضغط الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الإدارة القضائية أو حتى باقي الهيئات المهنية..." وأضاف رئيس نادي قضاة المغرب "إذا كان دور المحامين يعتبر دورا أساسيا في حماية حقوق الانسان ويجسد ضمانات المحاكمة العادلة فإن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا بالدفاع عن استقلال القضاة والسلطة القضائية .. وهكذا فإننا في نادي قضاة المغرب بالقدر الذي ندافع فيه عن حق المحامين في تشكيل روابطهم المهنية من أجل تعزيز المعايير المهنية وضمان استقلالهم ومصالحهم في أداء مهامهم النبيلة فإننا نؤكد في الوقت نفسه إصرارنا عن الدفاع عن استقلال السلطة القضائية والقضاة بجميع الوسائل ضد كل محاولات التأثير من أي جهة كانت من أجل عدالة بدون ضغوط". وفي كلمتها أشادت الأستاذة حجيبة البخاري رئيسة المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بمكناس بالعلاقة المتميزة التي ظلت تجمع دائما بين شرفاء هيأة الدفاع والقضاة عموما وبين المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بمكناس وهيأة الدفاع بالدائرة على وجه الخصوص، وهي العلاقة التي تنبع من صدق الشعور بالانتماء للأسرة الواحدة وبالسير على نفس الدرب وبمواجهة المصير الواحد في إطار الإحترام والتقدير المتبادلين، واستنكرت بشدة ما صدر عن بعض المحامين من "تصرفات وأقوال تشكل جرائم يعاقب عليها القانون ومساسا خطيرا بشرف وكرامة القضاة ومحاولة يائسة لترهيبهم والتأثير عليهم، وتدخلا سافرا في استقلالية السلطة القضائية ضدا على ما جاء به الدستور، وما كفله القانون وما كرسته الأعراف والتقاليد في وقت كان يتعين فيه على كل متضرر من القرار المتخذ مجرد سلوك المساطر المنصوص عليها قانونا كآلية راقية للمطالبة بالحقوق تعكس صدق الإيمان بوجوب الانضباط للقانون وبالمساواة مع باقي المواطنين أمامه". وأضافت الأستاذة حجيبة البخاري بأن التخليق "لم ولن يكن كابوسا يقض مضاجع القضاة ولا مجرد شعار يمكن رفعه من أجل الاستهلاك وإنما هو إيمان راسخ لديهم بمبدئه وترجمة فعلية له على مستوى السلوك ومن هذا المنطلق فهم لا يأبهون لأي تهديد ولا يخضعون لوعيد، ولا تنطلي عليهم حيل التشهير ومستعدون لخوض أية معركة في سبيل الكشف عن حقيقة نزاهتهم ومدى نقاء أيديهم". وأعلنت الأستاذة حجيبة البخاري بأن المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بمكناس سيبقى في حالة انعقاد دائم لتتبع مجريات الأمور واتخاذ ما يلزم في حينه، مؤكدة أن القضاة على استعداد تام لخوض جميع الأشكال الاحتجاجية دفاعا عن شرف وكرامة القضاة واستقلالية السلطة القضائية . من جهة أخرى أكد المحامون في بيانهم أن قضية الاعتقال التي تعرض لها عبد الهادي رحيحل كانت غير عادلة نتيجة ما أسموه مساسا بحق المحامي في الدفاع عن نفسه من الاعتقال المشبوه، وأكدوا أن حضور نادي القضاة لمؤازرة زميلهم هي تداعيات غير مفهومة، حيث إن اعتقال المحامي والتسريع بذلك اعتبروه خرقا لحقوق عضو من هيئة الدفاع تتوفر فيه كل الضمانات الكافية لحضور أطوار جلسات ملف "خيرية كهف النسور" ، وذكروا أيضا أن نصرتهم لزميلهم كانت ضد ما أسموه "حسابات ضيقة يريد البعض تصريفها"، معرجين على أن نادي القضاة بالمغرب والمجلس الجهوي لنادي القضاة بمكناس يسعون ضد كل الحقوق المكفولة التي ضحى المغاربة من أجلها، ولم يفتهم أن يذكروا أنهم كهئية الدفاع كانوا أول من صفق لنادي القضاة أثناء تأسيسه، لكنهم تفاجأوا بمحاولة الالتفاف على حقوق المواطنة، معتبرين أن مطالبهم بطلب السراح المؤقت لزميلهم ليس امتيازا بل هو حق مكفول من أجل محاكمة عادلة، وليس تكريسا لإملاءات الحسابات الضيقة. وسبق للمحامين المحتجين وصف قرار اعتقال زميلهم، بحسب مصادر منهم، ب "المتسرع" على خلفية وجود ملابسات، في رأيهم، تتمثل أساسا في عملية تقديم المتهم يوم جمعة كيوم أخير في أيام العمل، وفي سحب ملف القضية من قاضي تحقيق معين وإحالته على يد آخر، إضافة إلى التناقض الواضح، حسب قولهم، بين تبني سلطة الاتهام لملتمس السراح المؤقت ورفضه من طرف سلطة التحقيق، كما أكدوا أن موقفهم ليس تضامنا مع زميلهم المحامي فحسب، بل يأتي أيضا كرد فعل على «انعدام شروط المحاكمة العادلة»، حسب رأيهم. هذا وتدخل الأستاذ المحامي عبد الهادي رحيحل أثناء الوقفة الموازية للزيارة التي قام بها نادي القضاة، حيث شكر زملاءه على التضامن الكبير الذي أبدوه معه مساندين إياه، وشكر هيئة الدفاع على ما قامت به، واستدرك أنه لم يكن طي حسبانه أنه ذات يوم من الأيام سيطأ برجليه السجن، مؤكدا أنه كمن ولد من جديد معتزا بزملائه.