تحركت الحكومة المصرية لمواجهة تداعيات مقتل 19 شخصا على الأقل وإصابة ما لا يقل عن 117 آخرين، إثر خروج قطار ينقل مجندين في الجيش عن مساره بجنوب غرب القاهرة, في حادث هو الخامس من نوعه خلال أربعة أشهر. وبينما أعلنت وزارة النقل فتح تحقيق, توجه رئيس الوزراء هشام قنديل إلى موقع حادث قطار البدرشين الذي خرجت اثنتان من عرباته عن مسارهما في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء. ولدى وصول قنديل الى موقع الحادث راح اثنان من السكان يصيحون فيه "يداك ملطختان بالدماء"، فسارع حراسه إلى إبعاده. وذكر مراسل الجزيرة نت أنس زكي أن النائب العام كلف فريقا لبدء تحقيق فوري في ملابسات الحادث لتقديم المتسببين إلى المحاكمة. وقد قامت النيابة بالفعل بمعاينة الحادث قبل أن تبدأ في إجراء تحقيقات موسعة تتضمن الاستماع إلى شهود العيان والمصابين الذين تسمح حالتهم بذلك. وأمر وزير النقل حاتم عبد اللطيف تشكيل لجنة فنية للتحقيق في أسباب الحادث، مع بدء تحقيق إداري مع كافة المسؤولين المرتبطين به. كما دعا إلى اجتماع طارئ مع مجلس إدارة هيئة السكك الحديدية بحضور المسؤولين عن صيانة القطارات في الهيئة. وفي تصريحات صحفية، قال الوزير إن على الجميع أن يدرك أن منظومة السكك الحديدية في مصر متهالكة وتحتاج إلى تطوير، سواء فيما يتعلق بحالة عربات القطارات أو بالقضبان الحديدية التي تسير عليها. وقد أوضح مصدر رسمي أن القطار كان متوجها من جنوب البلاد إلى القاهرة حين انحرفت عربتان عن المسار بعيد منتصف الليل عند مزلقان "أبو ربيع" في مدينة البدرشين، وهرعت أكثر من ستين سيارة إسعاف إلى الموقع بحثا عن ناجين ولنقل الجثث من أنقاض العربتين. من جانبها, ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن الحادث وقع نتيجة تصادم قطار حربي للركاب كان يقل المجندين مع قطار للبضائع عند مزلقان السكك الحديدية, مشيرة إلى أن التصادم تسبب في خروج عربتين من القطار عن القضبان وانقلابهما. في هذه الأثناء أكد المتحدث العسكري الرسمي العقيد أحمد محمد علي أن الضحايا هم من جنود الأمن المركزي، لكنه أوضح أن القطار المنكوب ليس حربيا وإنما هو قطار مدني يتم استخدامه بالتنسيق مع وزارة النقل لنقل الجنود. يشار إلى أن مصر تشهد باستمرار حوادث سير وقطارات خطيرة بسبب سوء تنظيم حركة السير وتقادم الآليات والقطارات، وقلة صيانة الطرقات والسكك الحديدية وقلة المراقبة لها. ويوصف حادث الثلاثاء بأنه اختبار لقدرات حكومة الرئيس محمد مرسي على إدارة مثل هذه المأساة التي تكررت مؤخرا. حادث متكرر يذكر أن الحادث هو الخامس من نوعه خلال أربعة أشهر، حيث وقع حادثان مشابهان مقابل إحدى قرى محافظة الفيوم (جنوب غرب القاهرة)، وثالث مقابل قرية الحواتكة في محافظة أسيوط (جنوبالقاهرة) حين اصطدم قطار بحافلة نقل تلاميذ مدرسة ابتدائية أسفر عن مقتل نحو ستين طفلاً، قبل أن يصطدم قطار آخر بحافلة نقل ركاب مقابل قرية شبشير الحصة التابعة لمدينة طنطا (مركز محافظة الغربية شمال غرب القاهرة). وقد أدى مقتل عشرات التلاميذ في حادث قطار محافظة أسيوط في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى استقالة وزير النقل وقيام مظاهرات غاضبة احتجاجا على الإهمال. وبينت التحقيقات أن عامل التحويلة الذي كان يفترض أن يغلق الحاجز على السكك الحديدية كان نائما عند وصول الحافلة المدرسية. وفي فبراير/شباط 2002 أدى حريق اندلع في قطار إلى مقتل نحو 370 شخصا على مسافة أربعين كيلومتر جنوب العاصمة. من جهتها, أعربت القوات المسلحة المصرية عن خالص تعازيها لأسر ضحايا قطار البدرشين, وتفقد وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي مجموعة من المصابين في مستشفى المعادي العسكري. وفي رسالة على تويتر قدمت جماعة الإخوان المسلمين "أحر تعازيها لعائلات" ضحايا الحادث، معبرة عن تمنياتها بالشفاء العاجل للجرحى. وفي نوع من استخدام الحادث في الصراع السياسي الدائر حاليا، أبرز الإعلام المحلي تصريحات لمحمد البرادعي -أحد أبرز قيادات المعارضة- يقول فيها إن "مفاصل الدولة تتآكل والفشل يزداد، والشعب هو الضحية".